قال أبو الحسن القابسي: اختص الله نبينا محمدا بفضل لم يؤته أحدا غيره أبانه به، وهو ما ذكره في هذه الآية. قال المفسرون: أخذ الله الميثاق بالوحي ولم يبعث نبيا إلا ذكر له محمدا ونعته وأخذ على ذلك الميثاق منه إن أدركه ليؤمنن به.
وقيل: أن يبينه لقومه ويأخذ ميثاقهم أن يبينوه لمن بعدهم...
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لم يبعث الله نبيا من آدم فمن بعده إلا أخذ عليه العهد في محمد عليه الصلاة والسلام لئن بعث وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، ويأخذ العهد بذلك على قومه.
ونحوه عن السدي وقتادة في آي تضمنت فضله من غير وجه واحد. قال الله تعالى: (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح) الآية، وقال: (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح) إلى قوله (وكيلا).
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في كلام بكى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عند الله أن بعثك آخر الأنبياء وذكرك في أولهم فقال: (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح...) الآية بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عنده أن أهل النار يودون أن يكونوا أطاعوك وهم بين أطباقها يعذبون يقولون (يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا) قال قتادة: إن النبي قال: كنت أول الأنبياء في الخلق وآخرهم في البعث، فلذلك وقع ذكره مقدما هنا قبل نوح وغيره.
قال السمرقندي: في هذا تفضيل نبينا عليه السلام لتخصيصه بالذكر قبلهم وهو آخرهم.
قال بعضهم: ومن فضله أن الله تعالى خاطب الأنبياء بأسمائهم، وخاطبه بالنبوة والرسالة في كتابه فقال يا أيها النبي، ويا أيها الرسول.
وحكى السمرقندي عن الكلبي - في قوله تعالى: (وإن من شيعته لإبراهيم) إن الهاء عائدة على محمد، أي من شيعة محمد لإبراهيم، أي: علي دينه ومنهاجه، واختاره الفراء وحكاه عنه مكي، وقيل: المراد نوح عليه الصلاة