نحو (والله لا يحب كل مختال فخور) مفهومه إثبات المحبة لأحد الوصفين لكن لا نظر إليه، للاجماع على تحريم الاحتيال والفخر مطلقا، وحيث وقع النفي في حيزها كقوله صلى الله عليه وسلم في خبر ذي اليدين: كل ذلك لم يكن، توجه النفي إلى كل فرد فرد.
كذا ذكره البيانيون وإنما سقت هذا جميعه هنا لأنه لنفاسته وكثرة الاحتياج إليه مما ينبغي أن يستفاد ويحفظ [فضل] وكمال برز لغيرك في الوجود، لأنك الخليفة الأكبر الممد لكل موجود، وشاهده ما صح في خبر: آدم فمن دونه تحت لوائي.
وخبر: لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي. وخبر: إن إبراهيم قال إنما كنت خليلا من وراء وراء.
وآثر التشبيه بالسراج على القمرين لأنه يقتبس منه الأنوار بسهولة وتخلفه فروعه فتبقى بعده، ووجه التشبيه أن نوره صلى الله عليه وسلم يظهر الأشياء المعنوية كنور البصائر، ونور السراج يظهر المحسوسة كنور البصر، ولا ريب أن المحسوس أظهر من المعقول من حيث هو معقول، فلذا شبه نوره صلى الله عليه وسلم لكونه معقولا بنور السراج لكونه محسوسا، فلا ينافي ذلك أن السراج دونه صلى الله عليه وسلم بل لا نسبة، ويمكن أن يكون من التشبيه المقلوب كما في قوله تعالى (أفمن يخلق كمن لا يخلق).
وإذا تقرر أن كمالات غيره المشبهة بالأضواء مستمدة من كماله الذي هو الضوء الأعلى [ف] بسبب ذلك [ما يصدر] أي يبرز في الوجود ضوء ينشأ عن ضوء أحد مطلقا [إلا] ضوئك، فأنت المخصوص بأنك الذي يبرز [عن ضوئك] الذي أكرمك الله [الأضواء] كلها من الآيات والمعجزات وسائر المزايا والكرامات، وإن تأخر وجودك عن جميع الأنبياء عليهم السلام، لأن نور نبوتك متقدم عليهم بل وعلى جميع المخلوقات.
وشاهده: حديث عبد الرزاق بسنده عن جابر رضي الله عنه يا رسول الله، أخبرني عن أول شئ خلق الله قبل الأشياء. قال: يا جابر، إن الله تعالى خلق