المتتبع فيه: أن أحمد قد روى هذا الحديث بطرق عديدة وأسانيد سديدة، وروايات متكثرة في (المسند) عن زيد بن أرقم، وزيد بن ثابت، وأبي سعيد الخدري.
فنسبة الجرح في هذا الحديث إلى الإمام أحمد غريبة جدا، ولا يمكن توجيهها أو تأويلها بنحو من الأنحاء، ورواية أحمد للحديث في (المسند) أكبر حجة على بطلان هذه الشبهة، إذ لا يصح روايته إياه فيه مع إنكاره له، لأنه يستلزم التدليس والتلبيس، مع العلم بأنه يحتاط في رواياته ولا سيما في (مسنده)، فقد قال قاضي القضاة تاج الدين السبكي بترجمة أحمد:
" قلت: وألف مسنده، وهو أصل من أصول هذه الأمة، قال الإمام الحافظ أبو موسى محمد بن أبي بكر المديني رحمه الله: هذا الكتاب - يعني مسند الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني قدس الله روحه - أصل كبير ومرجع وثيق لأصحاب الحديث، إنتقي من أحاديث كثيرة ومسموعات وافرة فجعل إماما ومعتمدا، وعند التنازع ملجأ ومستندا، على ما أخبرنا والدي وغيره أن المبارك بن عبد الجبار أبا الحسين كتب إليهما من بغداد قال: أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي قراءة عليه، أنا أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان بن عمر بن بطة قراءة عليه، ثنا أبو حفص عمير [عمر] بن محمد بن رجا، ثنا موسى بن حمدون البزاز، قال:
قال لنا حنبل بن إسحاق: جمعنا عمي - يعني الإمام أحمد - لي ولصالح ولعبد الله وقرأ علينا المسند، وما سمعه معنا - يعني تاما - غيرنا، وقال لنا:
إن هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفا، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فارجعوا إليه، فإن كان فيه وإلا ليس بحجة.
وقال عبد الله بن أحمد رحمه الله: كتب أبي عشرة ألف ألف حديث، لم يكتب سوادا في بياض إلا حفظه.
وقال عبد الله أيضا: قلت لأبي: لم كرهت وضع الكتب وقد عملت