وقال ابن حجر العسقلاني في (فهرست مروياته) على ما نقل عنه الثعالبي في (مقاليد الأسانيد) في ذكر مسلم: " كان أحد أعلام هذا الشأن وكبار المبرزين فيه والرحالين في طلبه، والمجمع على تقدمه فيه أهل عصره، كما شهد له بذلك إماما وقتهما وحافظا عصرهما أبو زرعة وأبو حاتم ".
وإذا حكم هكذا إمام في الحديث مجمع على تقدمه وتورعه بصحة حديث الثقلين، وخرجه في صحيحه المقبول لدى الجميع، فهل يبقى للشك في صحة هذا الحديث مجال؟ أم هل تبقى قيمة لإنكار ابن الجوزي صحته؟
كلا ثم كلا.
6 - ورع مسلم واحتياطه في صحيحه قال النووي: " سلك مسلم في صحيحه طرقا بالغة في الاحتياط والاتقان والورع والمعرفة، وذلك مصرح بكمال ورعه وتمام معرفته وغزارة علمه [علومه] وشدة تحقيقه بحفظه وتقعدده في هذا الشأن، وتمكنه من أنواع معارفه وتبريزه في صناعته، وعلو محله في التمييز بين دقائق علومه [التي لا يهتدي إليها إلا أفراد في الأعصار]، فرحمه الله ورضي عنه " 1.
وقال بترجمته: " ومن أكبر الدلائل على جلالته وورعه وحذقه وتقعدده في علوم الحديث واضطلاعه منها، وتفننه فيها وتنبيهه على ما في ألفاظ الرواة من اختلاف، بين متن وإسناد ولو في حرف واعتنائه بالتنبيه على الروايات المصرحة لسماع المدلسين وغير ذلك مما هو معروف في كتابه، وقد ذكرت في مقدمة شرحي لصحيح مسلم جملا من التنبيه على هذه الأشياء وشبهها مبسوطة واضحة، ثم نبهت على تلك الدقائق والمحاسن في أثناء الشرح في مواطنها، وعلى الجملة لا نظير لكتابه في هذه الدقائق وصحة الاسناد، وهذا عندنا من المحققات التي لا شك فيها، للدلائل المتظافرة