ألف حديث، وكان كتابه في زمانه أعلى وأرفع وأجمع الكتب ".
وقال الشيخ ولي الله الدهلوي: " الطبقة الثانية: كتب لم تبلغ مبلغ الموطأ والصحيحين ولكنها تتلوها، كان مصنفوها معروفين بالوثوق والعدالة والحفظ والتبحر في فنون الحديث، ولم يرضوا في كتبهم هذه بالتساهل فيما اشترطوا على أنفسهم، فتلقاها من بعدهم بالقبول، واعتنى بها المحدثون والفقهاء طبقة بعد طبقة، واشتهرت فيما بين الناس، وتعلق بها القوم شرحا لغريبها وفحصا عن رجالها واستنباطا لفقهها، وعلى تلك الأحاديث بناء عامة العلوم، كسنن أبي داود، وجامع الترمذي، ومجتبى النسائي، وهذه الكتب مع الطبقة الأولى اعتنى بأحاديثها رزين في تجريد الصحاح وابن الأثير في جامع الأصول.
وكاد مسند أحمد يكون من جملة هذه الطبقة، فإن الإمام أحمد جعله أصلا يعرف به الصحيح والسقيم، قال: ما ليس فيه فلا تقبلوه " 1.
فإذا كان أحمد لا يتساهل في مسنده، وكان كتابه هذا بهذه المثابة من القبول والشهرة والاعتبار، كيف يعقل أن يتساهل أحمد ويخرج فيه حديثا منكرا مع علمه بكونه كذلك؟!
وقال ولي الله أيضا في (الانصاف): " وجعل - أي أحمد - مسنده ميزانا يعرف به حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما وجد فيه ولو بطريق واحد من طرقه فله أصل، وما لا فلا أصل له ".
ولو صح كونه معتقدا بسقم حديث الثقلين - قد رواه في المسند الذي جعل ميزانا بين الصحيح والسقيم - فهو إذا كاذب مدلس.
وقال أبو مهدي الثعالبي في (مقاليد الأسانيد) بترجمة أحمد نقلا عن ابن خلكان: " وألف مسنده وهو أصل من أصول هذه الأمة، جمع من الحديث ما لم يتفق لغيره ".