فقال عمر: إن هذا لشراب طيب. فشرب منه، ثم ناوله رجلا عن يمينه. فلما أدبر عبد الله، ناداه عمر بن الخطاب فقال: أأنت القائل: لمكة خير من المدينة؟
فقال عبد الله: فقلت هي حرم الله وأمنه، وفيها بيته. فقال عمر: لا أقول في حرم الله، ولا في بيته شيئا. ثم انصرف (1).
وأخرج ابن سعد عن عبد الله بن عبيد بن عمير: أن عمر بن الخطاب لما طعن قال له الناس: يا أمير المؤمنين لو شربت شربة، فقال: اسقوني نبيذا. وكان من أحب الشراب إليه، فقال: فخرج النبيذ من جرحه مع صديد الدم، فلم يتبين لهم ذلك من شرابه الذي شرب.
فقالوا: لو شربت لبنا، فأتي به، فلما شرب اللبن خرج من جرحه (2).
وقد أنزل الله في الخمر ثلاث آيات:
الأولى: في قوله تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما} (3).
فكان من المسلمين من شارب، ومن تارك إلى أن شرب رجل فدخل في الصلاة فهجر، فنزل قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} (4).
فشربها من شربها من المسلمين، وتركها من تركها، حتى شربها عمر (رضي الله عنه) فأخذ بلحى بعير، وشج به رأس عبد الرحمن بن عوف، ثم قعد ينوح على قتلى بدر بشعر الأسود بن يعفر، يقول: