الأمر هو الأمر، والطاعة هي الطاعة " (1).
وقال العقاد: " وشاءت الجاهلية أن تورطه في بعض أهوائها، فكان هواه منها معاقرة الخمر، يحبها ويكثر منها.
وقد نرى أنه هوى قريب من مزاج الجند، غير نادر فيهم. إذ الخمر توافق ما فيهم من سورة طبع، وتشغلهم عن الخطر أو تعينهم عليه، وتصاحبها في كثير من الأحيان ضجة يألفونها " (2).
وقد أحب ضجة الدفوف وهي في سياق هذا الهوى، وظل يحبها بعد إسلامه وخلافته، وإن كرهها في غير الأعراس... فسمع ضوضاء في دار فسأل: ما هذا؟
قيل له: عرس فقال: هلا حركوا غرابيلهم (أي الدفوف) على أنه كان يحب الغناء جملة ويطيل الاصغاء إليه. فطبيعة الجندي في الفاروق تامة متكاملة بأصولها وفروعها (3).
ويذكر أن جيش قريش الذي قدم إلى معركة بدر بقيادة أبي جهل وعتبة بن ربيعة وشيبة بين ربيعة وأمية بن خلف وغيرهم، قد جاءوا بخمرهم وراقصاتهم، ولما سمعوا بنجاة قافلة التجارة المكية، طلب أبو سفيان منهم العودة، فقالوا: والله لا نرجع حتى ننزل بدرا، فنقيم به ثلاث ليال، ويرانا من غشينا من أهل الحجاز، فإنه لن يرانا أحد من العرب وما جمعنا فيقاتلنا، وهم الذين قال الله عز وجل عنهم:
{ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس} (4).
وبينما كانت سمة الجيش الجاهلي شرب الخمر، والضرب بالدف، واللهو