وغطوا رؤوسهم، ولهم خنين، وما أتى على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم أشد منه.
ويتوقف المرء المسلم طويلا أمام ما ذكره البخاري عن الحادثة بالرغم من حذفه قسما مهما منها إذ قال:
فأكثر الناس في البكاء وأكثر أن يقول (صلى الله عليه وآله): سلوني (1)، فإذا كل رجل رأسه في ثوبه يبكي (2).
وقد حاول البعض تحريف القضية على أنها نزلت إثر سؤال من النبي (صلى الله عليه وآله) عن الصوم كما ذكر ذلك مسلم في صحيحه قائلا:
" رجل أتى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: كيف تصوم؟ فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما رأى عمر (رضي الله عنه) غضبه. قال: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله. فجعل عمر يردد هذا الكلام حتى سكن غضبه (صلى الله عليه وآله) (3).
فالعاقل يتعجب إن قرأ هذا النص، كيف يغضب النبي (صلى الله عليه وآله) غضبا شديدا من سؤال عن الصوم؟! فهل السؤال يستوجب غضبا شديدا من قبل النبي (صلى الله عليه وآله) والمعروف عنه الحلم، والصبر؟
ويتوقف القارئ لبكاء المسلمين، حين غطوا رؤوسهم خجلا من النبي (صلى الله عليه وآله)، كما ورد في النصوص الأخرى. ويندهش القارئ من تذلل عمر للرسول (صلى الله عليه وآله) وتقبيله قدمه، وطلبه العفو منه. وتنكشف الحقيقة بقول النبي (صلى الله عليه وآله): أين الساب لأهل بيتي، ليقم إلي وينتسب إلى أبيه (4). فقال أنس بن مالك: " فما أتى على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم أشد منه " (5).