وعن أنس (رضي الله عنه) قال: سألوا النبي (صلى الله عليه وآله) حتى أحفوه بالمسألة، فصعد النبي (صلى الله عليه وآله) ذات يوم المنبر، فقال: لا تسألوني عن شئ إلا بينته لكم.
فجعلت أنظر يمينا وشمالا، فإذا كل رجل رأسه في ثوبه يبكي، فأنشأ رجل كان إذا لاحى يدعى إلى غير أبيه، فقال يا رسول الله من أبي؟
فقال: أبوك حذافة.
ثم أنشأ عمر فقال: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، نعوذ بالله من سوء الفتن، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ما رأيت في الخير والشر كاليوم قط! إنه صورت لي الجنة والنار حتى رأيتهما دون الحائط.
قال قتادة: يذكر هذا الحديث عند هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} (1).
وعن الزهري، أخبرني أنس بن مالك (رضي الله عنه)، أن النبي (صلى الله عليه وآله) خرج حين زاغت الشمس، فصلى الظهر، فلما سلم خرج إلى المنبر، فذكر الساعة، وذكر أن بين يديها أمورا عظاما، ثم قال (صلى الله عليه وآله): من أحب أن يسأل عن شئ فليسأل عنه، فوالله لا تسألوني عن شئ إلا أخبرتكم به، ما دمت في مقامي هذا.
قال أنس فأكثر الناس البكاء وأكثر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يقول سلوني، فقال أنس: فقام إليه رجل فقال: أين مدخلي قال (صلى الله عليه وآله): النار، فقام عبد الله بن حذافة، فقال: من أبي يا رسول الله؟ قال: أبوك حذافة. قال: ثم أكثر أن يقول سلوني سلوني.
فبرك عمر على ركبتيه فقال: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد (صلى الله عليه وآله) رسولا؟!! قال: فسكت رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين قال عمر ذلك (2).