قال: فخرجت من عنده، فلقيت هشام بن الحكم، فقلت له: ما أقول لمن يسألني فيقول لي: بم عرفت ربك؟
فقال: إن سأل سائل فقال: بم عرفت ربك؟ قلت: عرفت الله - جل جلاله - بنفسي؛ لأنها أقرب الأشياء إلي، وذلك أني أجدها أبعاضا مجتمعة وأجزاء مؤتلفة، ظاهرة التركيب، متبينة الصنعة، مبنية على ضروب من التخطيط والتصوير، زائدة من بعد نقصان، وناقصة من بعد زيادة، قد أنشئ لها حواس مختلفة وجوارح متباينة؛ من بصر وسمع وشام وذائق ولامس، مجبولة على الضعف والنقص والمهانة، لا تدرك واحدة منها مدرك صاحبتها ولا تقوى على ذلك، عاجزة عند اجتلاب المنافع إليها ودفع المضار عنها، واستحال في العقول وجود تأليف لا مؤلف له، وثبات صورة لا مصور لها، فعلمت أن لها خالقا خلقها، ومصورا صورها، مخالفا لها على جميع جهاتها، قال الله عز وجل: (وفى أنفسكم أفلا تبصرون) (1). (2) 3471. رسول الله (صلى الله عليه وآله): من عرف نفسه فقد عرف ربه. (3) 3472. الأمالي: روي أن بعض أزواج النبي (صلى الله عليه وآله) سألته: متى يعرف الإنسان ربه؟
فقال: إذا عرف نفسه. (4)