اعترافا عمليا، أو على العمل بما يخالفها.
وبعد أن تحدد معنى الإيمان ينبغي أن لا تفوتنا الإشارة إلى أن المراد من الإجبار في قولنا: لا إجبار في الايمان هو الإجبار في الركن الثاني من ركني الإيمان، لأن الإجبار كما أسلفنا لا يسري على الركن الأول، أما بالنسبة للركن الثاني فإن الإسلام لا يجبر الإنسان على الاعتراف بالمعتقدات الإسلامية دونما إيمان بها، بل بالعكس من ذلك كما ذكرنا بإسهاب في الفصلين الثاني والثالث من هذا التمهيد، أي عند حديثنا عن التقليد والتحقيق والاجتهاد بفكر طليق.
فلو قال أحد بأنه يعتقد أن الله تعالى خالق الكون ولا إله إلا هو وجب عليه أن يعلم الدليل على ذلك، ولو قال أنه يعتقد أن محمدا (صلى الله عليه وآله) رسول لله وجب عليه أن يعلم لماذا كان محمد رسول الله، ولو قال أنه يعتقد أن الإنسان يحيا بعد موته يوم القيامة للبت في أعماله وجب عليه أن يعرف الدليل على ذلك، فإذا جهل الدليل ولم يعرفه أو ألقى اللوم على الوالدين أو المعلم لأنهم هكذا قالوا!! لن يقبل الإسلام عذره. ويقطع الإسلام بأن العقائد يجب أن تكون تحقيقية لا تقليدية، وأن على كل إنسان أن يحكم في مسائله العقائدية الأساسية بنفسه دون غيره، فأحكام غيره وآراؤه لا تجديه نفعا.
وأكبر من هذا، أن الإسلام لا يرغم الإنسان حتى على الاعتراف بمعتقداته، وهذا هو المقصود من قولنا: لا إجبار في الإيمان، فالإسلام لا يرغم أحدا على الاعتراف بالعقائد الإسلامية دون إيمان بها، ولا يقبل اعترافا تقليديا غفلا من التحقيق والتفكير والعلم، بل إنه ليعتبر حتى أولئك الذين يؤمنون بعقائده ولدوافع مختلفة لا يعترفون بها عمليا أنهم أحرار، ولا يحق للمسلمين إرغامهم على الاعتراف العملي بها عنوة، يقول سبحانه في محكم كتابه: