ناصر: إن ما تحدثت عنه هو الفاعلية المادية، وفي اصطلاح الفلاسفة يعد الإنسان في هذه المرحلة فاعلا طبيعيا، أي أنه فاعل للحركة ليس إلا، ولكنك مضافا إلى جسمك المادي تمتلك روحا أسمى من المادة، وظيفتها إدارة أعضاء هذا البدن وقواه، وإن روحك وإن كانت من أسمى نتائج مادة البدن، إلا انها تتسامى على مرحلة المادة بفعل التكامل حتى تصل إلى مرحلة التجرد، ومن خصائص الوجود المجرد، القدرة على الإبداع بحسب تجرده، بحيث أنه بمجرد إرادته لشيء، يوجد ذلك الشيء من العدم.
فأنت تتصور الحديقة الجميلة والنهر الجاري، بحيث أن حدوث هذه الصورة وبقاءها رهن بالتفاتك، فإن غفلت عنها تنعدم، وطبعا لما كانت روحك غضة ولم تتجرد تجردا تاما، كان إبداعها ضعيفا، ولكن في عالم الرؤيا حيث يضعف ارتباطها بالمادة، وتتمتع الروح بحرية أكبر تكون صورة الحديقة أشد وأقوى وأكثر إمتاعا، فإن الحديقة التي تتصورها في عالم اليقظة ليست سوى صورة خيالية، في حين أنك تتجول في الحديقة التي تراها في عالم الرؤيا، بل وتأكل من فاكهتها، وتشعر بطعمها ولربما ظهرت آثارها على جسدك المادي والعضوي، في حين أنه ملقى على السرير.
وعلى هذا الأساس حينما يموت الإنسان تتحرر روحه بشكل كامل، و سوف يكون إنتاجها في عالم البرزخ والقيامة أقوى وتكثر بركتها؛ بل إن أرواح أولياء الله لكذلك حتى في الدار الدنيا.
أجل، هذا نموذج من الخالقية، وأنه بمجرد توجهك وتصورك يصير المعدوم المحض موجودا، لا انه يتحول عدم إلى وجود، وقد قال الفلاسفة في هذا