فسوف لا يمكن إعادتنا ثانية، وإلا لزم إعادة المعدوم، وقد أثبتت الفلسفة استحالة ذلك.
ناصر: يبدو أنك نسيت ما تقدم، فقد قلنا: إن هوية الانسان بروحه و نفسه، وهي وان كانت " جسمانية الحدوث " وانها محتاجة إلى المادة في حدوثها، إلا انها " روحانية البقاء "، وليست محتاجة إلى المادة في استمرارها و بقائها الوجودي، بل هي مجردة وعارية عنها، والمجرد لا يعتريه الفناء؛ (1) فكما يقول الفلاسفة:
" ان كل حادث - سواء في ذلك الوجود والعدم - مسبوق بالمادة والقوة و القابلية الموجودة فيها، وان المادة انما تتقبل الأمر الحادث بواسطة تلك القوة و القابلية، فمثلا توجد في النطفة قابلية التحول إلى العلقة، وفي العلقة قابلية التحول إلى المضغة، وهكذا حتى يوجد الانسان. فلو جاز ان يحدث العدم و الفناء لذات النفس والروح، وجب ان تحمل النفس في مقام ذاتها مادة فيها استعداد لتقبل الأمر الحادث. والنفس وان كانت محتاجة إلى الجسم والمادة في مقام الفاعلية، الا انها في مقام الذات مجردة، وليست فيها مادة لتحمل قابلية عدمها "، وعليه فان النفس لأجل تجردها لا يعتريها العدم والفناء بالموت أبدا، حتى يشكل بلزوم إعادة المعدوم، بل تشتد فيها الحياة، إذ لم يفن فيها سوى إدارتها للبدن المادي والعنصري، وهي مستمرة في مسيرتها إلى الله و الحياة الأسمى. كما قال المولوي: