تبدأ المادة بالحركة الجوهرية في قوس الصعود بالعودة نحو مراحل التكامل على غرار مراحل النزول التي اجتازتها (1) دون ان تفقد كمال المراحل السابقة، فلا يكون بنحو الخلع واللبس، بل بنحو اللبس بعد اللبس.
اذن فالانسان بحركته التكاملية في قوس الصعود في حالة موت وحياة مستمرة، اي انه يفقد التعين والصفة السابقة، ويتلبس بتعين وصفة جديدة، وان فقدان التعين السابق لا يعني فقدان الكمال السابق، بل هو بمعنى فقدان الماهية والحد السابق، وكلما ارتفع في قوس الصعود، اقترب من مصدر النور والحق تعالى أكثر، ومن هنا يفقد ماهياته وحدوده السابقة وتقل محدودياته الوجودية، ولذلك يكون علم الانسان في عالم البرزخ أشد منه في عالم الدنيا، كما ان علمه في الآخرة أشد منه في عالم البرزخ، قال تعالى: (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد). (2) ان حقيقة المعاد الكامل والتام تعني بلوغ مرتبة التجرد الكامل والعقل الصرف، والوصول إلى الله ومشاهدة جماله الربوبي، ويتجلى ذلك بشكل كامل يوم القيامة، قال تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) (3) فهذه هي الغاية من خلق الانسان الذي هو أسمى وأطيب ثمار عالم الطبيعة، فهو