لامتلاكه النفس المجردة لا يفنى بالموت، بل ينتقل من عالم الطبيعة إلى عالم البرزخ، ومنه إلى الآخرة في القيامة الكبرى، وسيحتفظ بشخصيته وهويته على كل حال، وسيكون الموجود في الآخرة هو الموجود في الدنيا، ومن هنا فإن الذين تمكنوا في هذه الدنيا وقبل الموت الاضطراري من طي منازل الكمال بحركتهم المعنوية وماتوا بالموت الاختياري (1) قد وصلوا بحسب باطن ذواتهم إلى حقيقة المعاد في هذه النشأة، وان كانوا بحسب البدن المادي و العنصري لا يزالون في هذا العالم، ولم يبلغوا المعاد العمومي والشمولي، وهؤلاء ليس عليهم حجاب يحول دون مشاهدتهم نور الحق تعالى، وليس لهم محاسب؛ لأنهم قد حاسبوا أنفسهم في هذه النشأة، (2) ويرون المنعمين في الجنة والرازحين في النار وما هم عليه من النعيم والعذاب. (3) ومن هنا قال الامام علي (عليه السلام): " لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا " (4) وما ذلك إلا لأن هؤلاء العظماء والأفذاذ في نظام الوجود قد اجتازوا قوس الصعود
(٢٤١)