متسلقوا المناصب السياسية على أكتاف الدين، وذلك لذر الرماد في العيون واغتيال العلمانية بواسطة الشعارات المتهالكة والتعميم المسكين..
الإلحاد في الدول الشيوعية يا صديقي ليس مصدره العلمانية بل الماركسية، وأية مراجعة لكتابات " كارل ماركس سوف تخبرك بأن هذا الفيلسوف العملاق قد اتخذ موقفا من الدين منذ فجر شبابه، ولعل كتاباته حول فلسفة " فويرباخ " تقطع الشك باليقين في هذا المضمار.. ولكن فلسفة ماركس وموقفه من الدين موضوع آخر، كم أتمنى أن أسهب فيه يوما ما..
هذا بالنسبة للإلحاد، أما بالنسبة للعلمانية التي أريدها، فهي علمانية تضمن للمواطن الحرية والعيش الكريم على أرضه، على أساس من المساواة في الحقوق والواجبات بين الجميع.. إذ ليس في رأيي للجنس أو للون أو للدين أن يلعبوا دور إذلال المواطن في وطنه، وخلق طبقية مقيتة بين أبناء الشعب الواحد " فالدين لله والوطن للجميع " و " من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "..
علمانيتي تعلم أن اختلاف الديانات هو سنة الكون، فلو شاء الله لخلق الناس على ملة واحدة. والناس في دينهم ينطبق عليهم المثل: كل فتاة بأبيها معجبة..
علمانيتي تريد أن تتجاوز الفتن الطائفية والحروب الدينية التي قهرتنا في هذا الشرق منذ دهور طويلة، وهي في نفس الوقت تريد أن تتجاوز أبواق الله في الأرض وخطابات أصحاب الحقيقة المطلقة، التي لم تورثنا إلا المحن والإحن والعداوات وأنهار الدماء.. علمانيتي تريد أن تقف ضد الذين منحوا أنفسهم الوصاية على حقوق الآخرين، ونصبوا أنفسهم سوطا لجلد ظهور الناس باسم الله وحقوقه، ونسوا أن الله قوي جبار، وليس من المستضعفين في الأرض..
علمانيتي هي مع السلام والوئام والمساواة، وقاعدة أساسية من أجل بناء دول