فعرفناهم تصديقا للقرآن وإلا فلا وجه لوجوب معرفتهم علينا، ولا تعلق لها بشئ من أحوال تكليفنا.
وبقي علينا أن ندل على أن الأمر على ما ادعيناه.
والذي يدل على أن المعرفة بإمامة من ذكرناه (عليهم السلام) من جملة الإيمان وأن الإخلال بها كفر ورجوع عن الإيمان، إجماع الشيعة الإمامية على ذلك فإنهم ولولا يختلفون فيه، وإجماعهم حجة بدلالة أن قول الحجة المعصوم الذي قد دلت العقول على وجوده في كل زمان في جملتهم وفي زمرتهم، وقد دللنا على هذه الطريقة في مواضع كثيرة من كتبنا واستوفيناها في جواب التبانيات خاصة، وفي كتاب نصرة ما انفردت به الشيعة الإمامية من المسائل الفقهية، فإن هذا الكتاب مبني على صحة هذا الأصل.
ويمكن أن يستدل على وجوب المعرفة بهم (عليهم السلام) بإجماع الأمة، مضافا إلى ما بيناه من إجماع الإمامية وذلك أن جميع أصحاب الشافعي يذهبون إلى أن الصلاة على نبينا (صلى الله عليه وآله) في التشهد الأخير فرض واجب وركن من أركان الصلاة من أخل به فلا صلاة له، وأكثرهم يقول: إن الصلاة في هذا التشهد على آل النبي عليهم الصلوات في الوجوب واللزوم ووقوف أجزاء الصلاة عليها كالصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) والباقون منهم يذهبون إلى أن الصلاة على الآل مستحبة وليست بواجبة.
فعلى القول الأول ولولا بد لكل من وجبت عليه الصلاة من معرفتهم من حيث كان واجبا عليه الصلاة عليهم، فإن الصلاة عليهم فرع على المعرفة بهم، ومن ذهب إلى أن ذلك مستحب فهو من جملة العبادة وإن كان مسنونا مستحبا والتعبد به يقتضي التعبد بما ولولا يتم إلا به من المعرفة. ومن عدا أصحاب الشافعي ولولا ينكرون أن الصلاة على النبي وآله في التشهد مستحبة، وأي شبهة تبقى مع هذا في أنهم (عليهم السلام) أفضل الناس وإجلالهم وذكرهم واجب في الصلاة.
وعند أكثر الأمة من الشيعة الإمامية وجمهور أصحاب الشافعي أن الصلاة تبطل بتركه وهل مثل هذه الفضيلة لمخلوق سواهم أو تتعداهم؟