فيه قميص جده الحسين عليه السلام معلق فوق رأسه وهو يراه، فإذا حان وقت ظهوره يراه قد صار دما عبيطا! (5) إن صبره لا يشبه صبر أحد من الناس، بسبب سعة علمه ورقة قلبه وشفافية مشاعره عليه السلام! فهو يرى كل مظالم العالم وجناياته، وهو يرى مظالم جده النبي صلى الله عليه وآله وأجداده الطاهرين عليهم السلام أمام عينيه، ولاشك أنه يتجول في زيارة مشاهدهم المشرفة، من بيت الله في مكة، إلى قبر جده المصطفى وأجداده المعصومين في المدينة المنورة، إلى قبر جده أمير المؤمنين عليه السلام في النجف، إلى قبر جده الحسين في كربلاء، إلى بقية مشاهد المعصومين عليهم السلام، وتتجسد أمام عينيه مظالمهم ومصائبهم!
وهو في ذلك يعيش حياته بقلب حي وإحساس نابض، يعيش بقداسة روح جده أمير المؤمنين عليه السلام الذي لا يتحمل أن يسلب نملة جلب شعيرة، حتى لو أعطي مقابلها الأقانيم السبعة بما تحت أفلاكها! والذي عنده الموت أهون من أن يرى امرأة مسلمة أو ذمية تسلب حليها، ولا يستطيع أن يدافع عنها! (6) فأي صبر هو صبر الإمام المهدي أرواحنا فداه؟!
* * وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا.. هذا هو الصبر المطلق الذي يوصل إلى الإمامة المطلقة! فما هو الفرق بين مطلق الإمامة، والإمامة المطلقة؟
إن الإمامة مقولة لها شروط ترتفع درجتها بها حتى تصل طبقا لنظام العلة والمعلول إلى الإمامة المطلقة، وتكون النسبة بينها وبين مطلق الإمامة كنسبة مطلق الوجود إلى الوجود المطلق، ومطلق العلم إلى العلم المطلق، ومطلق القدرة إلى القدرة المطلقة!