إن من مصائبنا أنا نصرف أوقاتنا في فهم كلمات الشيخ الرئيس ابن سينا وغيره، ولا نصرفها في فهم كلام المعصوم الذي نراه بإشارة واحدة في كلامه يذري مليار عقل كعقل ابن سينا في مهب الريح!
إن كل كلمة من كلماته عليه السلام عالم مواج من العلم! تحتاج إلى بذل جهود عقلية لكي تفهم، ويعرف منها الموضوع والمحمول والمتعلق والمتعلق به، وبذلك تفهم الإمامة ما هي؟ وهيهات أن تفهم حق فهمها!
في أي مرتبة تقع الإمامة من سلسلة الوجود؟
أعظم شأنا.. وأبعد غورا، من أن يبلغها الناس بعقولهم! تأملوا فقط في كلمة (أبعد غورا) لتروا أن الموضوع هنا مثل مناطق الفراغ أو الثقوب السوداء، التي يتكلم عنها الفلكيون، والتي كلما وصل إليها شعاع انطفأ، أو نجم تلاشى وفني! إنها محيط بلا نهاية يقف الفكر البشري في ابتدائها ولا يعرف غورها وانتهاءها!
فالإمام الرضا عليه السلام يقول إن شخصية الإمام جهاز رباني، عميق الغور، أعظم من أن يبلغها الناس بعقولهم!! الناس.. كل الناس.. طبيعة الناس!
بعقولهم.. كل عقول أصحاب العقول، بما فيها عقل أفلاطون وعقل أرسطو، وعقل ابن سينا، وعقل الشيخ الأنصاري! فكل العقول عندما تصل إلى هنا تنطفئ أشعتها، وتتلاشى قدراتها!
هذه هي الكلمة الأولى، والثانية: أو يقيموا إماما باختيارهم أو ينالوها بآرائهم!
والسؤال هنا: ما هو الدليل على هذا المدعى؟
علل الإمام الرضا عليه السلام عجز الناس عن إدراك الإمامة واختيار الإمام، بقوله (إن الإمامة) وهذه هي العلة، ثم أورد خمسة عناوين عللها بهذه العلة!