وبهذا يتضح أن قول الإمام الرضا عليه السلام في عجز الناس عن درك مقام الإمامة واختيار الإمام، كلام واضح كالشمس: (إن الإمامة أجل قدرا، وأعظم شأنا، وأعلا مكانا، وأمنع جانبا، وأبعد غورا، من أن يبلغها الناس بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم، أو يقيموا إماما باختيارهم)!
ونلاحظ هنا أن الإمام عليه السلام لم يستعمل كلمة (شرفه بها) في النبوة الإبراهيمية والخلة لأنهما صفتان تختصان بإبراهيم من لدن آدم إلى عيسى عليهم السلام.
حتى إذا وصل إلى الإمامة قال: (وفضيلة شرفه بها... ثم أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة).
نعم هذه هي الإمامة.. مقام لا يدرك غوره، خص الله به إبراهيم بعد درجة نبوته الخاصة العالية، وبعد درجة الخلة لله الخاصة به.. فعندئذ صار أهلا لأن يشرفه بهذا التشريف ويكون للناس إماما!
إن الإمامة كلمة مقدسة، تحمل معنى عظيما، وليست كلمة تلقلق باللسان! فافهموها واعرفوا أين تستعملونها!
إن مشكلة الإنسان كثيرا ما تكون قلة فهمه، فالذي يفهم يكثر تفكيره وتأمله ويقل منطقه، ويتقيد بكلماته. أما الذي قليل الفهم فيطلق منطقه وسلوكه بلا دقة، فتكثر سقطاته، ويجر المشكلات والمصائب على نفسه وغيره! فاحرصوا أن تكونوا علماء متعمقين، دقيقين في استعمال الكلمات!
هذه هي الإمامة مجملا، والوقت يمضي ولم نصل إلى خيوط شعاع من شمسها، ولا حبات رمل من ساحلها!
والإمامة هي المبدأ، فما هو المشتق المتلبس بالمبدأ؟ ما هو الإمام؟ والبحوث كثيرة، ووقتنا يتسع لقراءة بعض صفاته من كلام الإمام الرضا عليه السلام