ه - أما ما جاء في شرح نهج البلاغة، فلا يوجد أي تناف بين خصوص استثناء النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حكم الجزع وبين استثناء الإمام الحسين أيضا، ونظير ذلك كثير في الأحاديث. والذي يفهمه الفاحص أن دائرة الاستثناء تتسع، وأن الغرض من استثناء كل واحد على حدة هو بيان أهمية ذلك الاستثناء. ولتقريب الفكرة: جاء في صحيح مسلم كتاب الصلاة الحديث 599:
(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا أبو أسامة، عن حبيب بن الشهيد، قال: سمعت عطاء يحدث عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى اللهم عليه وسلم قال: لا صلاة إلا بقراءة. وفي سنن الترمذي كتاب الصلاة 287: وروى أبو عثمان النهدي، عن أبي هريرة قال: أمرني النبي صلى اللهم عليه وسلم أن أنادي أن لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب).
فهل تفهم من الحديثين التناقض، أم أن النبي يريد أن يضم شيئا آخر إلى استثنائه الأول، وإنما أفردهما بالذكر لبيان أهمية كل واحد منهما؟! وعلى هذا الأساس فلا مانع من أن يضم إلى جزع الإمام الحسين الجزع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. أما المقطع الثاني من شرح نهج البلاغة، فهي في ظاهرها متنافية مع سابقتها إلا مع بعض التوجيهات التي لن تروق لك، وبالتالي نعرض عنها. ولا داعي لتذكيرك أن المصدر التي نقلت فيه تلك الرواية ليس من مصادر الشيعة. وبالطبع فإن التعارض هو بين استثناء النهي عن النبي وبين التصريح بعدم استثنائه. أما النهي المطلق عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلا يتعارض مع استثنائه في حق الإمام الحسين عليه السلام لعدم التصريح بالمنع، فلا يكون تعارض بين العام والخاص.