والرواية التي أوردتها في رسالتي السابقة وتقول: أشد الجزع الصراخ بالويل والعويل ولطم الوجه والصدر وجز الشعر من النواصي.. هي في مقام ذكر أمثلة على أشد مظاهر الجزع، وليست في مقام بيان حقيقة الجزع حتى تكون متعارضة مع الرواية الأولى التي نقلتها؟
ج - أود أن أخبرك يا محمد أنك تجبرني - وللأسف - في كثير من الأحيان على إعادة ما أذكره سابقا لعدم التفاتك لما طرحته، فأنت تقول أن رواية كل الجزع والبكاء مكروه تتعارض مع رواية مستدرك الوسائل عن أمير المؤمنين عليه السلام التي يقول فيها: إياك والجزع، فقلت: ولكن هذا يتناقض مع أحاديث أخرى تنهى عن الجزع بشكل مطلق، ولم تستثن سيدنا الحسين. وقد غاب عنك أنني ذكرت في رسالتي السابقة أن هناك بعض الأمور التي قد تكون محرمة كالربا * وأحيانا مكروهة - ولكن حصل فيها الاستثناء، فهل ترى تعارضا بين حكم العام وحكم الخاص، يمكنك مراجعة كتبكم في أصول الفقه لتعرف أنه لا تناقض بينهما، والرواية التي وردت عن الإمام الصادق عليه السلام صريحة في الاستثناء، وهي رواية صحيحة وفقا للميزان السندي.
د - أما بخصوص رواية الكافي وكلام العلامة المجلسي، فهما حول أصل حكم الصبر والجزع بغض النظر عن استثناءاته، ونحن لا نشك أن الصبر من أفضل دعائم الإيمان، وأن الجزع أمر مذموم، وهذا لا يعني أن هذين الحكمين لا يقبلان الاستثناء. ولابد من التنبيه على أمر مهم وهو أن فقهاءنا قالوا بحرمة الجزع في صورة عدم الرضا بالقضاء كما ذكر ذلك الحر العاملي في الوسائل، وليست حرمته بشكل مطلق.