وأما قولك: أولا: من قال أن مطلق جرح النفس محرم؟ هل استفتيت مرجعك في هذا؟ فأقول لك: إن معايير الحرمة عديدة، والتنكيل إذا صدق فهو حرام، والإضرار إذا تحقق فهو حرام، وهذا ربما لا يتحقق، ولذا كنت قلت إن القول بعدم الحرمة حيث لا يوجد إضرار هو أتم الأقوال، وكان مقصودي أنه أتمها من حيث موازين الفتوى.. وكذا الإضعاف بالمذهب والذي أقطع به شخصيا حرام... وفيما يرجع إلى اللطم، فيجب عليك متى ظفرت بعدو الله وكنت مستطيعا لا تخشى ضررا أن تسدد اللطمة في وجهه واللكمة في بطنه!! ولكن لا تنس أننا متفقون على أساس الحزن وأنه موضع استفيد من النبي وأولاده المنتجبين عليه وعليهم أفضل الصلوات والتسليم. ولذا فنقضك علي هنا وفي المقدار اللازم الذي نتفق على لزومه أو رجحانه المؤكد ليس نقضا موفقا أيها الأخ العزيز، وإلا لأمكن أن نقول لطالب العلم والدكتور و... و... أنه لا داعي للالتزام عشرة أيام بالحضور طرفي النهار في المآتم الحسينية، وليجلس كل منكم في داره ويطلب الكاسيتات آخر الموسم.
سبحانك يا الله.. سبحانك يا الله.. فلم تكن المقابلة بين ما هو من قوام الحزن المطلوب ونفله المرغوب أيها الأخ المبجل، غير أنها كانت بين ما ليس تثبت مطلوبيته ولا المرغوبية فيه، وهو أغلى ما في الإنسان: الدم.. الدم.. الدم.. وبين عملية الجهاد...
ومرة أخرى: إن اللطم والبكاء عمل مشترك بين ممارسة الحزن وبين الممارسة الدينية وهي الوقوف في وجه المنكرات، واشتراكها يقتضي أن تتواجد في كلا المقامين... وأما التطبير وإهدار الدم فليس من شيم أهل الحزن والمصاب، وإنما هو مبتدع في القرنين الأخيرين، وكان قبل هذا لا ينظر إلى