بل إن المواساة بإعطاء الطرف المقابل والإيصال إليه مباشرة. وفي الدعاء الوارد عن الإمام السجاد عليه السلام: وارزقني مواساة من قترت عليه من رزقك بما وسعت علي من فضلك. فلم يدع بالعيش المقتر؟!! فضلا عن أن التوسعة على العيال أفضل من الصدقة كما هو جار، والتقشف في العيش ضد الشكر للنعمة إذا كانت موجودة.. بل إن الدنيا إذا أقبلت فإن المؤمن أولى بها من غيره، كل هذا من نور الكلام المحمدي، ونور الفكر الإسلامي والحس الإنساني، الذي يدلنا على أن لكل شئ حدودا حتى المواساة مع الفقراء، فكيف تجشمت عناء الخروج عنه؟ وكثيرا ما نخلط بين المواساة وبين الاقتداء، والتأسي اللازم وغير اللازم، والتشبه بهم قدرا مستساغا ومألوفا.. ليس هذا محل تفصيله ولا موضوع تبيينه، غاية الأمر أن معنى المواساة هنا وفي مورد ضرب القامة باطل لغة وعرفا..
وأما بعض الموارد التي يستأنس منها معنى المواساة كالإمساك عن الطعام في يوم عاشوراء، فلم يرد بلفظ المواساة فيما أعلم ولا بغيرها وإن عبر عنه بعض العلماء كذلك... ولكنه أمر به لأنه ألم للمصيبة وأجمع للحزن، ومن مقوماته لا نفله الزائد عليه، لأن الحزن لا يستوي والإقبال على الطعام أو الإنكباب على قضاء الحوائج، ولذا منع عنهما في يوم عاشوراء الأليم، والمنع وارد في الثاني خصوصا، ولم يكن بعنوان المواساة أيضا!!
وأما المورد الأول فلم يرد فيه، وكذا التطبير فليس من مقومات الحزن فلا يلحق بها على أنه لو ألحق فلم يصح إطلاق المساواة فيها، وهي المقومات الأصلية فكيف به إذ لن يكون أحسن حالا منها.