ولو كان علماء السلف مغلولي اليد، فلماذا أفتوا بالجواز؟ ألم يكن بإمكانهم التزام السكوت من دون إصدار فتوى بالجواز؟ بل كيف أصدر بعضهم فتوى برجحان التطبير؟ وهذه الشبهة - أي أن العلماء لم يكونوا راضين عن هذه الأفعال ولكنهم سكتوا مداراة - ليست بجديدة، فقد طرحت قبل أكثر من أربعين سنة، وأجاب عنها آية الله الشيخ حسن المظفر المتوفى يوم عاشوراء سنة 1388 ه في كتابه نصرة المظلوم ص 84: (أما مواكب السيوف ولطم الصدور في الطرقات فحدث عنها ولا حرج، كثرة واستدامة. والسيد الميرزا محمد حسن الشيرازي نزيل سامراء وهو الذي انتهت إليه رئاسة الإمامية في عصره في جميع العالم، وعد مجددا للمذهب الجعفري على رأس القرن الثالث عشر، كما أن الوحيد البهبهاني محمد باقر بن محمد أكمل مجدده في القرن الثاني عشر، قد كان أنفذ كلمة (يقصد حكمه بمنع استخدام التنباك) على عموم الشيعة ملوكها وسوقتها من كل سابق ولاحق. وقد يوجد اليوم في كل بلدة كثير ممن يعرف اشتهاره ونفوذه، وكان مع علمه بوقوع الشبيه وخروج المواكب وما يحدث فيها من حوادث وبضرب القامات والسيوف في بلدان الشيعة في العراق وإيران، وعدم وقوع الإنكار منه أصلا تقام جميع الأعمال المشار إليها في سامراء محل إقامته نصب عينيه بلا إنكار.
قد يظن الظان لأول وهلة أنه قدس الله سره لا يرى رجحان ذلك بالنظر إلى حال محيطه، لأن جميع من في البلدة عدا النزلاء من غير الفرقة الجعفرية، وفيها أخلاط من غير المسلمين، وفي ذلك مجال الاستهزاء والسخرية. وقد سألت كثيرا ممن كانوا يقطنون سامراء في أيامه فكان أقلهم مبالغة في تعظيمه لشأن المواكب والشبيه شيخنا المتقن المتفنن الشيخ محمد جواد البلاغي النجفي