وردت عن أئمة أهل البيت منذ الإمام زين العابدين علي بن الحسين وإلى الامام المهدي المنتظر، نصوص كثيرة جدا تحث على البكاء لمصاب الإمام الحسين، فمن لم يتيسر له البكاء فعليه أن يتباكى، والتباكي هو التظاهر بالبكاء. وقد اشتمل كثير من هذه النصوص على بيان ما لمن بكى على الإمام الحسين من الثواب الجزيل عند الله تعالى، من الدرجات الرفيعة في الآخرة، وكذلك الحال فيمن أبكى على الحسين بشعر يقوله فيه، أو بغير ذلك.
ومن المعروف في الشريعة الإسلامية وأخلاقيات الاسلام أنها لا تشجع على إظهار الجزع للموت والتفجع والجزع على الميت، بل ترى أن ذلك مكروه، وبعض مظاهره محرم، ولكن ذلك لا يسري على ما يحصل من البكاء والجزع والتفجع على الإمام الحسين عليه السلام.. روى أبو حمزة الثمالي عن الامام الصادق أنه قال: إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع، ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن علي، فإنه فيه مأجور..
ويبدو أن السر في مشروعية هذا البكاء وهذا الجزع مع كراهة ما عداه وتحريم بعض أفراده، هو أن البكاء والجزع ليس أمرا شخصيا يتعلق بعاطفة بشرية تتفجر بالأسف على ما فات، وإنما هو حزن على قضية دينية عامة تتمثل بالإمام الحسين وثورته، فالحزن ليس موقفا عاطفيا وإنما هو موقف مبدئي يعبر المؤمن عن التحامه به واعتناقه له بهذا التعبير العاطفي.. حين نقرأ أو نسمع القصة الجيدة، أو القصيدة الجيدة، أو المسرحية الجيدة ألا تنفعل قلوبنا بما نقرأ أو نسمع؟
من كل هذا يتبين لنا تفاهة كل النقد الذي يقال عن مظاهر الحزن في المأتم الحسيني، وسطحية النظرة التي تعالج بها هذه المسألة، إننا في المأتم الحسيني