أليس هو نقل... وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟ فقال: يا ابن عوف إنها رحمة، ثم أتبعها بأخرى فقال: إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون. (صحيح البخاري رقم 1241).
أليس هو روى: شهدنا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله جالس على القبر، ورأيت عينيه تدمعان فقال... صحيح البخاري رقم 1277.
فالبكاء على الميت من الرحمة ولا ينهى الله عن الرحمة، فضلا عن أمره بضرب الباكي بالعصا والحجارة وحثيه بالتراب كما صدر من عمر!!
ومهما كان الأمر ففتوى عمر شئ ونقل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شئ آخر، والحق أن البكاء على الميت مباح، بل حسن ولا يعذب الميت به حتى وإن كان حراما، لما علم بالضرورة من الدين من أن أحدا لا يعذب بفعل الآخر! كيف وهل أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ببكائه أن يعذب جعفر الطيار وصاحبيه وإبراهيم ابنه، وغيرهم ممن بكى عليهم، وهل يدري أبو بكر أن بكائه على النبي صلى الله عليه وسلم يعذبه؟! (نعوذ بالله من أن يقال بعذاب النبي).
ثم تعالوا معي نستمع إلى قول عائشة وهي ترد على رواية عمر وابنه حيث قالت: رحم الله عمر، والله ما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه، ولكن رسول الله قال: إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه. وقالت: حسبكم القرآن: ولا تزر وازرة وزر أخرى. (البخاري رقم 1226).