ومن الأمور الواضحة إجتماعيا ونفسيا أن القناعة الفكرية وحدها بالعقيدة لا تقدم ضمانة كافية للثبات والصمود أمام الأخطار العظيمة والاضطهاد العنيف، الذي يستمر قرونا بعد قرون، إن العنف المدروس المستمر والاضطهاد الذي لا يتورع عن شئ، سرعان ما يحطم التماسك عند الجماهير حول العقيدة التي لا يتاح لهذه لجماهير أن تتصل بقادتها بحرية وأمان، ولا يتاح لها دائما أن تظل على اتصال تام بأفكار العقيدة وموقفها، ولا يتاح لها أن تمارس حياتها علنا وفقا لعقيدتها.
وإذا أدخلنا في حسابنا أن المسلم الشيعي العادي كان لا يبدو أمامه أمل بانفراج قريب، وعلينا أن ندخل في حسابنا أن اضطهاد الشيعة في التاريخ لم يتوقف بصورة كاملة إلا في العقود الأخيرة من السنين...
ونلاحظ أن ثورة كربلاء المجيدة تمثل ذروة موقف المعارضة الذي قاده أهل البيت ضد الانحراف في فهم الإسلام وتطبيقه، فهي نتيجة سلسلة من المواقف السابقة، وفاتحة سلسلة من المواقف المقبلة، وهي بشخصيتها المتميزة تكشف بوضوح مطلق عن طبيعة الصراع بين أهل البيت وبين خصومهم، وعن أهداف هذا الصراع، وهي غنية إلى درجة مطلقة بعناصر النبل الإنساني والإثارة العاطفية..
فمن أجل أن يبقى الشيعة على صلة حية بالأفكار والمبادئ الأساسية للصراع بين أهل البيت وبين خصومهم.. ومن أجل أن يكون لديهم باستمرار مثل أعلى خارق السمو للتضحية والفداء في سبيل الحق والعدل.. ومن أجل أن يضاف إلى القناعة الفكرية بالعقيدة رباط عاطفي يضفي على القناعة الفكرية حرارة وقوة ومضاء في مواجهة الاضطهاد والصبر على الشدائد،