وقد أخذ الأشاعرة موقع الدفاع عن التحميد ومقاومة التعطيل، كما أخذ المعتزلة موقع الدفاع عن التنزيه ومقاومة التشبيه.
ونفس الكلام يرد أيضا في أفعال الإنسان، أو الجبر والاختيار، أو القضاء والقدر، فقال الأشاعرة بالجبر للدفاع عن فاعلية الله تعالى في الوجود..
بينما قال المعتزلة بحرية الإنسان ومسؤوليته عن أعماله للدفاع عن عدل الله تعالى وتنزيهه عن الظلم.
أما أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم فلهم موقف ثالث، يمثل أصالة الدين الإلهي من آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وآله، في تنزيه الله تعالى وتحميده في آن واحد، فنفوا عنه التشبيه والتجسيم والرؤية، كما نفوا عنه الظلم والإجبار، وأثبتوا فاعليته تعالى وهيمنته الشاملة على الوجود، ومسؤولية الإنسان عن عمله، كما سترى - إن شاء الله تعالى -.
العامل الثالث: مضاهاة بعض المسلمين لليهود.
فقد كان الجدل بين المسلمين واليهود كثيرا في عهد النبي صلى الله عليه وآله وفي صدر الإسلام، ومن أبرز مسائله: المفاضلة بين نبينا صلى الله عليه وآله وبين النبي موسى عليه السلام.
وقد حاول بعض المسلمين مضاهاة اليهود بمعارضة كل فضيلة يذكرونها لموسى عليه السلام بإثبات فضيلة مقابلها من نوعها لنبينا صلى الله عليه وآله..
وكأن المسألة مغالبة بين نبيين، وكأن أذهان البشر هي التي تزن فضائل الأنبياء وتعطي أحدهم درجة الأفضلية أو المساواة! ولهذا عارض هؤلاء فضيلة تكليم الله تعالى لموسى عليه السلام التي نص عليها القرآن، باختراع حديث رؤية النبي صلى الله عليه وآله لربه، لكي يتم بذلك تقسيم الفضائل بين الأنبياء عليهم السلام، ويكون الترجيح لفضائل نبينا صلى الله عليه وآله!!