وقدم كذلك عبد الله بن عامر من البصرة بمال كثير، والتف حول عائشة بطبيعة الحال بنو أمية الذين كانوا بالحجاز وحثت عائشة الجميع على المطالبة بدم عثمان، وخرجت ومعها أتباعها تريد البصرة لتستعين بسكانها فيما أقدمت عليه.
هل كان حزن عائشة على عثمان هو الذي دفعها إلى ذلك العمل؟ الحقيقة لا، فقد كانت هناك دوافع أبعد غورا، نذكر أهمها فيما يلي:
1 - كانت هناك وحشة بين علي وعائشة عبرت عنها عائشة بقولها: إنه والله ما كان بيني وبين علي إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها. ولعل بعضها يرجع إلى موقف علي من عائشة في حادثة الإفك.
2 - نفس علي على أبي بكر الخلافة وامتنع عن مبايعته زمنا، فلماذا تسرع عائشة لمبايعة علي! ولماذا تتركه يهنأ بهذه الخلافة من أول يوم؟
3 - العامل الأكبر والمهم هو عبد الله بن الزبير؟ فهو ابن أختها أسماء، وإذ لم يكن لعائشة أولاد فقد أخذته من أختها وربته في بيتها وصار كأنه ابنا لها حتى كانت تسمى أم عبد الله وكان عبد الله طموحا يطمع في الخلافة، ولكن وجود علي كان يحول بينه وبين تحقيق هذه الأمنية، فدفع عائشة لتخوض هذه المعركة ضد علي، لعل عليا يسقط فيها قيخلو له الجو، وكثيرا ما ترددت عائشة من مواصلة العمل لهذه المعركة، ولكن عبد الله كان يحاول دائما أن يزيل ترددها ويحملها هذا المحمل الصعب، فمن الممكن أن نقول إن عائشة دفعت لهذا العمل وإن الذي دفعها هو عبد الله، والمرأة هي المرأة على كل حال، تضعف أمام حيل الرجال، ولا تقوى أمام وسائلهم، وقد روي أن عائشة سمعت منازعة أصحابها وكثرة صياحهم فقالت:
المنازعة في الحرب خور، والصياح فيها فشل، وما برأيي خرجت مع هؤلاء. وفي الحوار الرائع الذي جرى بين ابن الزبير ومعاوية في خلافة الأخير يقول معاوية لابن الزبير:.. وخدعتم أم المؤمنين، ولم تراعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أبرزتم زوجته للحتوف ومقارعة السيوف، ولعل عبد الله هو الذي دفع أباه أيضا ليشترك في