عليه الوحي في بيتك، فقالت لها أم سلمة: يا ابنة أبي بكر، لقد زرتني وما كنت زوارة، ولأمر ما تقولين هذه المقالة، فقالت: إن طلحة والزبير وعبد الله بن الزبير أخبروني أن الرجل قتل مظلوما، وأن بالبصرة مائة ألف سيف يطاوعون، فهل لك أن نخرج أنا وأنت، لعل الله يصلح بنا فئتين متناحرتين، فالت لها: يا عائشة أبدم عثمان تطلبين، وقد كنت أشد الناس عليه، وقد بايعه المهاجرون والأنصار، وإن عمود الإسلام لا ترأبه النساء إن انثلم - في كلام طويل.
فقالت لها عائشة: شتمتني يا أختي، فقالت لها أم سلمة: ولكن الفتنة إذا أقبلت غطت على البصيرة، وإذا أدبرت أبصرها العاقل والجاهل. ثم تركتها عائشة، وأتت حفصة بنت عمر زوج رسول الله فأجابتها إلى الخروج معها، ولكن أخاها عبد الله بن عمر منعها من ذلك. ثم نادى المنادي: إن عائشة وطلحة والزبير وجمهور المسلمين خارجون إلى البصرة، فمن أراد أن يعز دين الإسلام، ويطلب بدم عثمان، وليس له مركب ولا جهاز فليأت، ثم ساروا في نحو من ألف راكب، وقيل: بل كانوا ثلاثة آلاف. وكان في الطليعة أبان بن عثمان والوليد بن عثمان، ومروان بن الحكم وسائر بني أمية.
قال ابن جرير الطبري: وأمرت على الصلاة عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، وبعثت أم الفضل بنت الحارث زوج العباس بن عبد المطلب كتابا إلى أمير المؤمنين علي تخبره بالخبر مع ظفر الجهني، فما قرأ الرسالة وعلم نكث الزبير وطلحة بالبيعة واجتماعهما مع عائشة، وقف فخطب الناس في المسجد وقال:
أما بعد، فإن الله بعث محمدا للناس كافة وجعله رحمة للعالمين، فصدع بما أمر ربه، وبلغ رسالات ربه فلم به الصدع، ورتق به الفتق، وآمن به السبل، وحقن الدماء، وألف به بين ذوي الإحن والعداوة، والوغر في الصدور والضغائن الراسخة في القوب، ثم قبضه الله إليه حميدا، وكان من بعده ما كان من التنازع في الإمرة فتولى أبو بكر، وبعده عمر، ثم تولى عثمان، فلما كان من أمره ما عرفتموه ثم