اللقاء، ورأى من أحد إخوانه فشلا، فليذب عن أخيه الذي فضل عليه كما يذب عن نفسه، ولا تقاتلوا القوم حتى يبدؤوكم، فإنكم بحمد الله على حجة وكفكم عنهم حتى يبدؤوكم حجة أخرى، فإذا قاتلوكم فلا تجهزوا على جريح، وإذا هزمتوهم فلا تتبعوا مدبرا ولا تمثلوا بقتيل، وإذا وصلتم إلى رجال القوم، فلا تهتكوا سترا، ولا تدخلوا دارا، ولا تأخذوا من أموالهم شيئا، ولا تهيجوا امرأة بأذى وإن شتمن أعراضكم، وسببن أمراءكم وصلحاءكم، فإنهن ضعاف العقول والأنفس. لقد كنا نؤمر بالكف عنهن وإنهن لمشركات، وإن كان الرجل ليتناول المرأة بالهراوة والعصا والجريدة فيعير بها هو وعقبه من بعده.
تراءى الجمعان فرأى علي طلحة والزبير وقال لهم: لقد أعددتما سلاحا وخيلا ورجالا، إن كنتما أعددتما عند الله عذرا فاتقيا الله سبحانه، ولا تكونا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا، ألم أكن أخا لكما في دينكما تحرمان دمي وأحرم دماءكما؟ فهل حدث ما أحل لكما دمي؟ فقال طلحة: ألبت الناس على عثمان، فقال علي: فيومئذ يوفيهم الله دينهم الحق، ويعلمون أن الله هو الحق المبين. يا طلحة تطلبني بدم عثمان فلعن الله قتلة عثمان، يا طلحة جئت بعرس رسول الله تقاتل بها، وخبأت عرسك، أما بايعتني؟ قال: بايعتك والسيف على عنقي.
ثم قال للزبير مثل ما قاله لطلحة. فأراد الزبير ترك الحرب، فقال له ابنه عبد الله جمعت بين هذين العسكرين حتى إذا اشتبكت النصال أردت أن تتركهم وتذهب، ولكنك خشيت رايات ابن أبي طالب، وعلمت أنها تحملها فتية انجاد وأن تحتها الموت الأحمر، فجبنت. فأحفظه ذلك وقال: إني حلفت أن لا أقاتله، فقال له ابنه عبد الله: كفر عن يمينك وقاتله. فدخل في المعركة، ثم رأى أن يتركها ويتوجه إلى وادى السباع قاصدا المدينة، فلما وقف يصلي طعنه من خلفه عمرو بن جرموز فقتله، وأخذ فرسه وخاتمه وسلاحه، ثم قدم على علي فأخبره بقتل الزبير، فتناول الإمام سيف الزبير وهزه وقال: سيف طالما كشف الله به الكرب عن رسول الله، وما