عليهم عثمان بن حنيف إلا قاتلوني حتى منعني الله بالصالحين، واحتجوا بأشياء فاصطلحنا عليها، فخانوا وغدروا، وكان ذلك الدأب ستة وعشرين يوما ندعوهم إلى الحق ويدعوننا إلى الباطل، وغدروا وخانوا فغادروني في الغلس ليقتلوني، فلم يبرحوا حتى بلغوا سدة بيتي، فوجدوا نفرا على الباب، فدارت عليهم الرحى.
أما الإمام علي فإنه سار حتى بلغ ذا قار وأتاه عثمان بن حنيف في جمع كبير من أهل البصرة، ثم أرسل ابنه الحسن وعمارا والأشتر النخعي إلى الكوفة يدعون أهلها لنصرة الإمام، فأحضروا جمعا كبيرا منهم، ورحب بهم قائلا: يا أهل الكوفة أنتم قاتلتم ملوك العجم وفضضتم جموعهم حتى صارت إليكم مواريثهم فمنعتم حوزتكم وأعنتم الناس على عدوهم، وقد دعوتكم لتشهدوا معنا إخواننا من أهل البصرة، فإن يرجعوا فذاك الذي نريد، وإن يلجوا داويناهم بالرفق حتى يبدأونا بظلم، ولم ندع أمرا فيه صلاح إلا آثرناه على الفساد إن شاء الله.
وسار علي من ذي قار حتى نزل على عبد القيس، فانضموا إليه، ثم سار حتى نزل الزاوية يريد البصرة، وسار طلحة والزبير وعائشة والتقى الجمعان عند مكان قصر عبيد الله بن زياد، فلما نزل الناس أقاموا ثلاثة أيام لم يكن فيها قتال، وكان الإمام يرسل إلى جماعة عائشة يكلمهم ويدعوهم، حتى كان يوم الخميس منتصف جمادى الآخرة سنة 36، فوقعت الواقعة، وكان عسكر عائشة ثلاثين ألفا، وعسكر على عشرين ألفا، ومما خطب به علي صحبه قوله:
عباد الله انهدوا إلى هؤلاء القوم: منشرحة صدوركم لقتالهم، فإنهم نكثوا بيعتي، وأخرجوا ابن حنيف عاملي بعد الضرب المبرح والعقوبة الشديدة، وقتلوا حكيم بن جبلة العبدي، وقتلوا رجالا صالحين، ثم تتبعوا منهم من يحبني يأخذونهم في كل حائط وتحت كل رابية، ثم يأتون بهم فيضربون رقابهم صبرا، ما لهم قاتلهم الله أنى يؤفكون. إنهدوا إليهم وكونوا أشداء عليهم، وقد وطنتم أنفسكم على الطعن والضرب ومبارزة الأقران، وأي امرئ منكم أحس من نفسه رباطة جأش عند