اشهد، ثم رمى رجل آخر فقتل رجل من أصحاب علي، فقال علي كرم الله وجهه:
اللهم اشهد، ثم رمى آخر، فقال علي رضوان الله تعالى عليه: اللهم أشهد، وقد كان علي نادى الزبير: يا أبا عبد الله، ادن إلي أذكرك كلاما سمعته أنا وأنت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: علي الأمان، فقال علي رضى الله تعالى عنه:
الأمان، فأذكره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له، وقد وجدهما يضحكان بعضهما إلى بعض: أما إنك ستقاتل عليا وأنت له ظالم، فقال الزبير: اللهم إني ما ذكرت هذا إلا الساعة، وثنى عنان فرسه لينصرف، فقال له ابنه عبد الله: إلى أين؟
قال: أذكرني علي كلاما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: كلا وإنك رأيت سيوف بني هاشم حدادا يحملها رجال شداد، قال: ويلك! أمثلي يعير بالجبن؟
هلم الرمح، وأخذ الرمح وحمل على أصحاب علي رضي الله تعالى عنهم، فقال علي كرم الله تعالى وجهه: أفرجوا للشيخ فإنه محرج، فشق الميمنة والميسرة والقلب ثم رجع وقال لابنه: لا أم لك، أيفعل هذا جبان؟ وانصرف، وقامت الحرب على ساق، وبلغت النفوس إلى التراق، فافرجت عن ثلاثة وثلاثين ألف قتيل، وقيل:
سبعة عشر ألفا، وفيه اختلاف، فيهم من الأزد أربعة آلاف، ومن ضبة ألف ومائة، وما فيهم من ساير الناس، كلهم من أصحاب عائشة، وقيل: فيها من أصحاب علي كرم الله وجهه نحو من ألف رجل وقى: أقل، وقطع على خطام الجمل سبعون يدا من بني ضبة، كلما قطعت يد رجل أخذ الزمام الآخر وهم ينشدون:
نحن بنو ضبة أصحاب الجمل * ننزل بالموت إذا الموت نزل والموت أشهى عندنا من العسل إنتهى كلامه.
قال الشيخ الإمام جمال الدين عبد الله النافعي رحمه الله تعالى: وكانت القتلى يومئذ ثلاثة وثلثين ألفا على ما ذكر أهل التواريخ كل ذلك، وعائشة رضي الله تعالى عنها راكبة على الجمل، فأمر علي رضوان الله تعالى عليه بعقر ذلك الجمل المسمى