الإصلاح.
فبلغ لعلي عليه السلام ذلك فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله تعالى الإيمان به وبرسوله والجهاد في سبيله فإنه ذروة الإسلام وكلمة الإخلاص فإنها الفطرة وأقام الصلاة فإنها الملة وإيتاء الزكاة فإنها فريضة واجبة وصوم شهر رمضان فإنه جنة من العقاب وحج البيت واعتماره فإنهما ينفيان الفقر ويدحضان الذنب وصلة الرحم فإنها شارة ومنسأة في الأجل وصدقة السر فإنها تكفر الخطيئة وترضي الرب وصدقة العلانية فإنها تدفع ميتة السوء وصنائع المعروف فإنها تقي مصارع الهوان أذكروا الله فإنها أحسن الذكر وارغبوا فيما وعد المتقين فإن وعده الصدق الوعد واقتدوا بهدى نبيكم فإنه أفضل الهدى واستنوا بسنته فإنها أهدى السنن وتعلموا القرآن فإنه أحسن الكلام وتفهموا فيه فإنه ربيع القلوب واستشفوا بنوره فإنه شفاء الصدور وأحسنوا تلاوته فإنه أنفع القصص، ألا وإن العالم العامل بغير علمه كالجاهل الجائر الذي لا يستفيق من جهله بل الحجة عليه أعظم والحسرة له ألزم وهو عند الله ألوم.
ألا وإن طلحة وزبير ما أرادا العمرة وإنما أرادا البصرة، خرجا بحرمة رسول الله وأمهما وأم المؤمنين طالبين البصرة فأجلسا نسائهما في بيوتهما وأبرزا أمهما وجليس رسول الله لهما ولغيرهما في جيش ما منهم رجل. إلا وقد أعطاني صفقة يمينه وأجاب بالطاعة وأذعن بي بالبيعة طائعا غير مكره فقدموا على عامل بها وخزان بيت المسلمين فقتلوا طائفة صبرا وطائفة غدرا، فوالله الذي لا إله غيره لو لم يصيبوا من المسلمين إلا رجلا واحدا متعمدين لقتله مستحلين دمه بلا جرم جرمه ولا قتل لزمه يحل لي قتل ذلك الجيش كله حيث تعمدوا قتله واستحلوا دمه وحضروا فلم ينكروا ولم يدفعوا عنه بلسان ولا بدرع.
أما أنهم قد قتلوا من المسلمين مثل العدة التي دخلوا بها عليهم، ألا وإني خارج فتأهبوا للرحيل.