الأول سنة 36 ه حتى أتى الربذة فاجتمع إليه الناس وسار نحو فيد.
أما عائشة وجماعتها، فإنها بعد أن بلغت الحوأب تركته نحو البصرة، فلما قربت منها أرسلت عبد الله بن عامر بن كريز الذي كان أميرا على البصرة من قبل عثمان، فاندس إلى البصرة، وكتبت إلى الأحنف بن قيس وجماعة من وجوه المدينة تدعوهم لنصرتها، وأقامت بالحفير تنتظر الجواب، ولما بلغ ذلك مسامع عثمان بن حنيف أمير البصرة من قبل علي، أرسل إليها عمران بن حصين وأبا الأسود الدؤلي، فلما دخلا عليها سلما وسألاها عن سبب مسيرها، فقالت: إن الغوغاء ونزاع القبائل غزوا حرم رسول الله وأحدثوا فيه، وآووا المحدثين، فاستوجبوا لعنة الله ولعنة رسوله مع ما نالوا من قتل إمام المسلمين بلا ترة ولا عذر، فسفكوا الدم الحرام، وانتهبوا المال الحرام، وأحلوا البلد الحرام في الشهر الحرام، فخرجت في المسلمين أعلمهم ما أتى هؤلاء وما الناس فيه وراءنا، ثم تلت قوله تعالى: (لا خير في كثير من نجواهم) إلى آخر الآية، فهذا شأننا إلى معروف نأمركم به ومنكر ننهاكم عنه، والسلام.
ثم خرجا من عندها وأتيا طلحة فقالا له: ما أقدمك؟ قال: الطلب بدم عثمان.
قالا: ألا تبايع عليا؟ قال: بلى، السيف على عنقي وما أستقيل بيعتي إن لم يحل بيننا وبين قتلة عثمان. ثم أتيا الزبير فقال لهما مثل ذلك. ثم رجعا إلى عثمان بن حنيف أمير البصرة، فقالا له: إنها الحرب فتأهب لها. فنادى عثمان بالناس ودعاهم إلى المسجد وأمرهم بالتجهز، ثم أقبلت عائشة فيمن معها حتى انتهوا إلى المربد، وخرج إليها من أهل البصرة من أراد أن يكون معها، وواقفوا حتى خرج عثمان فيمن معه.
ثم تكلم طلحة فحمد الله وأثنى عليه، وذكر عثمان بن عفان وفضله، ودعا إلى الطلب بدمه، ونزل، ثم وقف الزبير فقال مثل قوله، فقال أصحابهما: صدقا وبرا وقال أصحاب ابن حنيف: فجرا وغدرا تحاثى وتحاصبوا ووقعوا في أمر مريج