حاجتك يا أعرابي. فقال: أنا رجل من أعراب الكوفة المتمسكين بحب جدك علي بن أبي طالب وقد ركبتني ديون أثقلت ظهري ولم أجد من أقصده لقضائها سواك. فقال له: كم دينك؟ قال: عشرة آلاف درهم. فقال: طب نفسا وقر عينا يقضي دينك إن شاء الله تعالى. ثم أنزله، فلما أصبح قال له: يا أخا العرب أريد منك حاجة لا تعصني ولا تخالفني فالله الله فيما آمرك به وحاجتك تقضى إن شاء الله تعالى. فقال له الأعرابي: لا أخالفك في شئ مما تأمرني به.
فأخذ أبو الحسن ورقة وكتب فيها بخطه دينا عليه للأعرابي بالمبلغ المذكور وقال: خذ هذا الخط معك فإذا حضرت إلى سر من رأى فتراني أجلس مجلسا عاما فإذا حضر الناس واحتفل المجلس فتعال إلي بالخط وطالبني وأغلظ علي في القول ولا عليك، والله الله لا تخالفني في شئ مما أوصيتك به.
فلما وصل أبو الحسن إلى سر من رأى جلس مجلسا عاما يحضر عنده جماعة من وجوه الناس وأصحاب الخليفة المتوكل وأعيان البلد وغيرهم، فجاء ذلك الأعرابي وأخرج الخط وطالبه بالمبلغ وأغلظ عليه في الكلام، فجعل أبو الحسن يعتذر إليه ويطيب نفسه بالقول ويعده بالخلاص عن قرب وكذلك الحاضرون وطلب منه المهلة ثلاثة أيام. فلما انفك المجلس نقل ذلك إلى الخليفة المتوكل فأمر لأبي الحسن على الفور بثلاثين ألف درهم، فلما حملت إليه تركها إلى أن جاء الأعرابي فقال له: خذ هذا المال فاقض منه دينك واستعن بالباقي على وقتك والقيام على عائلتك. فقال الأعرابي: يا ابن رسول الله إن في العشرة بلوغ مطلبي ونهاية مأربي وكفاية. فقال أبو الحسن: والله لتأخذن ذلك جميعه وهو رزقك الذي ساقه الله إليك، وأكبر من ذلك ما نقصناه فأخذ الأعرابي الثلاثين ألف درهم وانصرف وهو يقول " الله يعلم حيث يجعل رسالاته ".
ولد علي الهادي رضي الله عنه سنة أربع عشرة ومائتين، وتوفي بسر من