فسأله عن مسائل أعدها له، فأجاب عنها بأحسن جواب وأبان فيها عن وجه الصواب بلسان ذلق ووجه طلق وقلب جسور ومنطق ليس بعيى ولا حصور.
فعجب المأمون والقوم من فصاحة كلامه وحسن اتساق منطقه ونظامه، فقال المأمون: أجدت يا أبا جعفر، فإن رأيت أن تسأل يحيى كما سألك ولو عن مسألة واحدة. فقال: ذلك إليه يا أمير المؤمنين. فقال يحيى بن أكثم: يسأل فإن كان عندي في ذلك جواب أجبت به وإلا استفدت الجواب والله اسأل أن يرشد للصواب.
فقال له أبو جعفر: ما تقول في رجل نظر إلى امرأة في أول النهار بشهوة فكان نظره إليها حراما عليه، فلما ارتفع النهار حلت له، فلما زالت الشمس حرمت عليه، فلما كان وقت العصر حلت له، فلما غربت الشمس حرمت عليه، فلما كان وقت العشاء حلت له، فلما كان نصف الليل حرمت عليه، فلما طلع الفجر حلت له، فبم حلت هذه المرأة لهذا الرجل وبما ذا حرمت عليه في هذه الأوقات؟.
فقال يحيى: لا أدري فإن رأيت أن تفيد بالجواب فذلك إليك. فقال أبو جعفر: هذه أمة لرجل من الناس نظر إليها شخص من الناس في أول النهار بشهوة وذلك حرام عليه، فلما ارتفع النهار ابتاعها من صاحبها فحلت له، فلما كان الظهر أعتقها فحرمت عليه، فلما كان العصر تزوجها فحلت له، فلما كان وقت المغرب ظاهر منها فحرمت عليه، فلما كان وقت العشاء كفر عن الظهار فحلت له، فلما كان نصف الليل طلقها واحدة فحرمت عليه، فلما كان الفجر راجعها فحلت له.
فأقبل المأمون على من حضر من أهل بيته فقال: هل أحد فيكم يستحضر أن يجيب عن هذه المسألة بمثل هذا الجواب؟ فقالوا: ذلك فضل الله يؤتيه من