يشاء. فقال: قد عرفتم الآن ما كنتم تنكرون. وتبين في وجه القاضي يحيى الخجل والتغير عرف ذلك كل من في المجلس.
فقال المأمون: الحمد لله على ما من به من السداد في الأمر والتوفيق في الرأي، وأقبل على أبي جعفر وقال: إني مزوجك ابنتي أم الفضل وإن رغم لذلك أنوف قوم فاخطب لنفسك فقد رضيتك لنفسي.
فقال أبو جعفر: الحمد لله إقرارا بنعمته، ولا إله إلا الله إخلاصا بوحدانيته، وصلى الله على سيدنا محمد سيد بريته، والأصفياء من عترته. أما بعد فلما كان من فضل الله على الأنام أن أغناهم بالحلال عن الحرام وقال تعالى " وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم أن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم ". ثم إن محمد بن علي بن موسى خطب إلى أمير المؤمنين عبد الله المأمون ابنته أم الفضل، وقد بذل لها من الصداق مهر جدته فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم وهو خمسمائة درهم جياد، فهل زوجني إياها أمير المؤمنين على هذا الصداق المذكور. قال: زوجتك إياها على ذلك.
قال الرماني: وأخرج الخدم مثل السفينة من الفضة مطلية بالذهب فيها الغالية مضروبة بأنواع الطيب والماورد والمسك، فتطيب منها جميع الحاضرين على قدر مراتبهم ومنازلهم، ثم وضعت موائد الحلوى فأكل الحاضرون منها وفرقت عليهم الجوائز وأعطيت على قدر منازلهم وانصرف الناس، وتقدم المأمون بالصدقة على الفقراء والمساكين وأهل الأربطة والخوانق والمدارس، ولم يزل عنده محمد الجواد مكرما معظما إلى أن توجه بزوجته أم الفضل إلى المدينة الشريفة.
روي أن أم الفضل بعد توجهها مع زوجها إلى المدينة كتبت إلى أبيها المأمون تشكو أبا جعفر وتقول إنه يتسرى علي ويعيرني. فكتب إليها أبوها يقول: يا بنية إني لم أزوجك أبا جعفر لأحرم عليه حلالا فلا تعاودي لذكر شئ