وكان عمار قد باع سهمه الذي نفله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبق منه شيئا فقال: لك عشرون دينارا ومائتا درهم وبردة يمانية وراحلتي تبلغك إلى أهلك وشبعة من خبز البر واللحم. فقال الأعرابي: ما أسخاك بالمال أيها الرجل.
وانطلق به عمار رضي الله عنه فوفاه ما ضمن له، وعاد الأعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله: أشبعت واكتسيت؟ فقال الأعرابي: نعم يا رسول الله واستغنيت بأبي أنت وأمي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فأجز فاطمة بصنيعتها. فقال الأعرابي: اللهم إنك إله ما استحدثناك ولا إله لنا نعبده سواك وأنت في كل حين، اللهم اعط فاطمة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.
فأمن رسول الله صلى الله عليه وسلم على دعائه وأقبل على أصحابه فقال:
إن الله قد أعطى فاطمة في الدنيا ذلك، فأنا أبوها وما أحد من العالمين مثلي، وعلي بعلها ولولا علي ما كان لفاطمة كفؤ أبدا، وأعطاها الحسن والحسين وما للعالمين مثلهما سيدا شباب أسباط الأنبياء وسيدا شباب أهل الجنة.
وكان بإزائه المقداد وابن عمر وعمار وسلمان رضي الله عنهما، فقال:
وأزيدكم؟ فقالوا: نعم يا رسول الله. فقال: أتاني الروح الأمين جبريل وقال إنها إذا قبضت ودفنت يسألها الملكان في قبرها: من ربك؟ فتقول: الله ربي.
فيقولان: من نبيك؟ فتقول: أبي، ألا وأزيدنكم من فضلها، إن الله عز وجل وكل بها رعيلا من الملائكة يحفظونها من بين يديها ومن خلفها وعن يمينها وعن شمالها، وهم معها في حياتها وعند قبرها وبعد موتها يكثران الصلاة عليها وعلى أبيها وعلى بعلها وبنيها، فمن زارني بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي ومن زار فاطمة فكأنما زارني، ومن زار عليا فكأنما زار فاطمة، ومن زار الحسن والحسين فكأنما زار عليا، ومن زار ذريتهما فكأنما زارهما.
فعمد عمار إلى العقد وطيبه بالمسك ولفه في بردة يمانية، وكان له عبد اسمه