قال حدثني صالح بن عبد الرحمن الهاشمي، عن العمري، عن العتبي قال:
أتي عمر بن الخطاب (رض) بجماعة فيهم أبو محجن الثقفي وقد شربوا الخمر فقال: أشربتم الخمر بعد أن حرمها الله ورسوله. فقالوا: ما حرمها الله ولا رسوله إن الله تعالى يقول (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعلموا الصالحات). فقال عمر لأصحابه: ما ترون فيهم؟ فاختلفوا فيهم، فبعث إلى علي بن أبي طالب عليه السلام، فشاوره فقال علي: إن كانت هذه الآية كما يقولون فينبغي أن يستحلوا الميتة والدم ولحم الخنزير، فسكتوا، فقال عمر لعلي: ما ترى فيهم؟ قال: أرى إن كانوا شربوها مستحلين لها أن يقتلوا وإن كانوا شربوها وهم يؤمنون أنها حرام أن يحدوا.
فسألهم فقالوا: والله ما شككنا في أنها حرام ولكنا قدرنا إن لنا نجاة فيما قلناه، فجعل يحدهم رجلا رجلا وهم يخرجون حتى انتهى إلى أبي محجن، فلما جلده أنشأ يقول:
ألم تر أن الدهر يعثر بالفتى * ولا يستطيع المرء صرف المقادر صبرت فلم أجزع ولم أك كائعا * لحادث دهر في الحكومة جائر وإني لذو صبر وقد مات إخوتي * ولست عن الصهباء يوما بصابر رماها أمير المؤمنين بحتفها * فخلانها يبكون حول المعاصر فلما سمع عمر قوله (ولست عن الصهباء يوما بصابر) قال: قد أبديت ما في نفسك ولأزيدنك عقوبة لإصرارك على شرب الخمر. فقال له علي (ع):
ما ذلك لك وما يجوز أن تعاقب رجلا قال (لأفعلن وهو لم يفعل) وقد قال الله في الشعراء (وأنهم يقولون ما لا يفعلون). فقال عمر: قد استثنى الله منهم قوما فقال (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات). فقال علي عليه السلام: أفهؤلاء