يطلبون المحال. وكل ما يستطاع صنعه في هذا الباب هو أن نصلح ما أفسده الماضي البغيض، فنتخلص من مخلفاته وتعصباته التي جرت على المسلمين الويلات والخصومات، وأن تكف كل طائفة عن تكفير الأخرى، والكيد لها، والافتراء عليها، وأن يفهم كل سني وشيعي أن الاختلاف في بعض المسائل كعدالة الصحابة، وتقديم زيد، وتأخير عمرو لا يستدعي الخصام والانتقام.
مرحلتان:
ونستخلص مما تقدم أن العقيدة أو النظرية تمر - غالبا - في مرحلتين:
الأولى مرحلة تسليم الجميع بها دون خلاف ونزاع. الثانية مرحلة الخلافات وتعدد الفرق ضمن الإطار المبدئي. وقد مر التشيع بالمرحلتين، ابتدأت الأولى في عهد الرسول، واستمرت طوال عهد الخلفاء الثلاثة، وابتدأت الثانية باستشهاد الحسين (ع)، كما ستعلم، والقاسم المشترك الذي يشمل المرحلتين كلتيهما، ويدخل فيه جميع الفرق الشيعة الباقية منها والبائدة هو الإيمان بأن منصب الخلافة حق لعلي بنص النبي، مع العلم بأن المغالين ليسوا من الشيعة والتشيع في شئ، لأن أساس التشيع هو الإسلام، ومن أعطى صفة الألوهية أو النبوة بعد محمد لانسان، أي إنسان فهو ليس بمسلم، فضلا عن أنه غير شيعي، وعليه فإن تقسيم الشيعة إلى فرق يجب أن يرتكز على الإيمان بهذا النص دون الارتقاء بعلي أو أحد أبنائه إلى مرتبة الألوهية أو النبوة، وبهذا يتبين خطأ الذين جعلوا شخصين علي وأبنائه - على الإطلاق - أساسا لتقسيم الشيعة وتعددهم إلى فرق، دون أن يميزوا بين مقالة المغالين وغير المغالين.
فرق الشيعة:
أنهى بعض المؤلفين فرق الشيعة إلى ثلاثين، وآخر إلى ما يزيد عن هذا العدد بقليل أو كثير، زاعما أن المغالين من الشيعة، وأن الثلاثة والأربعة يشكلون فرقة مستقلة، وثالث نسب الغلو والكفر لكل من تشيع لأهل البيت، ورابع خلط بين الفرق البائدة والباقية، وخامس لم يميز بين الشيعيين، والشيوعيين...
إلى آخر هذه الجهالات والعمايات التي لاقينا منها أنواع المصاعب والمتاعب،