فترى فيه منابر الفتح الاسلامي، ومنابر الفتح المغولي، ومنابر السلاطين الفرس.
وسمعت الحديث عن المياه الساخنة الأزلية وكيف حرم منها أهل المدينة بسبب الفضول الانكليزي.
وسمعت قصصا عن أركان كثيرة، في نواح عديدة، ينطق كل منها بصفحة من صفحات التاريخ.
كل ذلك في أصفهان، مدينة العجائب.
كل ما عرفته عن أصفهان قبل أن أزورها أنها مدينة صناعة السجاد. وكانت فيما مضى مهدا أدبيا، ومسرحا حضاريا خلال فترة طويلة من الزمن. وبعد أن زرتها عرفت وجها آخر لها.
إنها مدينة السجاد، ومدينة المساجد، ومدينة العلم، ومدينة العجائب، ومدينة الإيمان، ومدينة الصناعة اليدوية، ومدينة من السماء.
وعندما تحلق الطائرة فوق سماء أصفهان، وتجول أكثر من جولة قبل أن تهبط في المطار، تتيح لك فرصة مشاهدة أروع منظر يمكن أن تطل عليه عين من الجو.
مآذن عديدة تعكس الشمس ألوانها الزاهية، وخضرة منتشرة في كل مكان، وميادين رحبة، وتربة صفراء.
وعندما تمشي في شوارعها تشعر بأنك تعيش مع ألفي سنة من التاريخ، أو ثلاثة آلاف سنة، إذ تقول أسطورة فارسية أن أصفهان بناها (تحمورش) الذي هزم ديفس وجيش العمالقة، وتفتش عن بقايا نبوخذ نصر والإسكندر.
ويروون أسماء عديدة لأصفهان: أسبانادا، سافاهان، سياهان، سياهيان، ولكن أصفهان هو الاسم الذي بقي لها من جميع ما أطلق عليها من أسماء. وقد أطلق عليها هذا الاسم سنة 644 مع الفتح الاسلامي. ومنذ ذلك الحين بقي هذا الاسم سائدا، واحتفظت المدينة بطابعها الاسلامي وهندستها الإسلامية، وخلال ألف سنة تعاقب خلالها على حكم إيران العرب والمغول والأتراك والأفغان والحكام الفارسيين ترك هؤلاء آثارهم وما يدل عليهم. ولكن الحقيقة الدائمة هي أن أصفهان مدينة الصفويين وعاصمتهم، كانت أبهى أيامها في حكم الشاه عباس الكبير الذي جعل منها عاصمة حكمه في العام 1590. وشهدت أصفهان أياما