خضع لها جميع العرب، ومارس هو السلطة بكافة معانيها: التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، فكان يبين الأحكام والحلال والحرام، ويقود الجيش، ويخابر الملوك، ويعقد المعاهدات، ويقضي بين الناس، ويقيم الحدود، وقد ربط القرآن الكريم هذه السلطات بشخص الرسول، ففي الآية 6 من سورة الأحزاب: " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم " وفي الآية 36 من السورة نفسها:
" وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم " وفي الآية 7 من سورة الحشر: " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " وغيرها كثير.
واتفق المسلمون بكلمة واحدة على أن السلطة الزمنية والدينية التي كانت للرسول تعطى لخليفته، ثم اختلفوا فيما بينهم: هل يعين الخليفة بالنص عليه من النبي، أو يترك الأمر فيه إلى اختيار الأمة؟. قال الشيعة: إن الخليفة يتعين بالنص لا بالانتخاب، أي إن الله سبحانه يأمر النبي أن يبلغ المسلمين بأنه قد اختار (فلانا) خليفة بعده، وأن عليهم أن يسمعوا له ويطيعوا، وقد صدر هذا النص بالفعل من النبي على علي بن أبي طالب.
هذا هو التشيع، وهكذا ابتدأ ونشأ دون أن يضاف إليه أي شئ آخر... أما المغالاة في علي وصفاته أو تكفير خصومه السياسيين وما إلى ذاك فلا يمت إلى التشيع بسبب... والذي يدلنا على أن لفظ الشيعة علم على من يؤمن بأن عليا هو الخليفة بنص النبي ما قاله فقهاء الإمامية في كتب التشريع من إنه إذا أوصى رجل بمال للشيعة، أو وقف عقارا عليهم يعطى لمن قدم عليا في الإمامة على غيره بعد النبي، ولا يعطى للمغالين (كتاب المسالك للشهيد الثاني ج 1 باب الوقف).
وبالتالي، إن التشيع في حقيقته وجوهره يتلخص بهذه الكلمة، وهي الإيمان بأن الإمام المنصوص عليه يتولى الحكم، ويحكم بإرادة الله لا بإرادة الناس، وقد أنكر السنة عليهم ذلك، وبالغوا في الإنكار، حتى قال بعض المؤلفين: إن هذه العقيدة نزعة فارسية استقاها الشيعة من الفرس...
ونجيب بأنها إسلامية بحت، لا شائبة فيها لغير الإسلام،، وقد أخذت من كتاب الله وسنة نبيه، كما يظهر من الأدلة الآتية. وإذا أخذ الشيعة هذه النزعة من الفرس. فمن أين أخذ عثمان بن عفان قوله - حين طلب إليه أن يتخلى عن