فبحسب تحقق الإمامة هو البيعة، والفضائل المذكورة ليست معينة للاختيار، فربما كانت في عثمان فضائل أكمل من تلك الفضائل عند من يدور الإمامة بيعته بمقتضى أمر عمر، وإن اعترف أهل الشورى بعدم تحقق الفضائل التي ذكرها أمير المؤمنين (عليه السلام) في أحد، أو لم يتحقق فيه فضائل تعارضها، لكن عدم بغض الناس لعثمان لعدم القتل، بل المقاتلة مع الشجعان وبعده هم معارضة الأبطال والفرسان، بل عدم اتصافه بفضائل زائدة توجب حسد أهل البغي والطغيان صار سببا لاختياره، رعاية لتشديد أساس الإسلام والإيمان.
قلت: لو كان مناشدته لما ذكر، وكان الاختيار مع أهل الشورى، وكان اختيارهم من أرادوه جائزا، لم يقل (عليه السلام) " نحن الصابرون في هذه البيعة ليقضي الله أمرا كان مفعولا " لدلالته على كونها خارجة عن قانون الشرع والدين، وإلا لم يكن إطاعة الشرع وانقياده له شديدا عليه (عليه السلام) حتى يحتاج إلى الصبر، بل أمثال ذلك الاهتمام وإظهار التحسر كانا لمشاهدة العصيان والطغيان والاظهار للمسترشدين ما فعل أهل الجور والعدوان، كما ظهر لك في موضعه بأوضح التنقيح والبيان.
وما ذكر من عدم صلاحية بعض الفضائل المذكورة للاستدلال على التعين ضعيف، لأن أصل استحقاقه (عليه السلام) للأمر كان ظاهرا لأهل الشورى، بل لجميع المسلمين، وبعد أصل الاستحقاق كل واحد من المرجحات كاف في الدلالة على التعيين إذا لم يكن المرجح وما يعارضه في آخر لقبح ترجيح المرجوح.
وما ذكر من أنه كان في عثمان فضائل أكمل من تلك الفضائل، في غاية الضعف، ولو كان فيه فضائل كذلك لكان أمير المؤمنين (عليه السلام) عالما بها ولم يذكر ما ذكره، ولكان عثمان ومن عاونه يذكر أنها في مقابل ما ذكره (عليه السلام).
وعدم ذكر المنقبة الذي يدل على عدم النقل مع توفر الدواعي عليه، يدل على