سفينة النجاة - السرابي التنكابني - الصفحة ٣٥٦
رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا، فقال: اللهم هؤلاء أهلي (1).
وقوله في هذه الرواية " مثل ما تقدم لسعد " إشارة إلى ما روى ابن الأثير من صحيح البخاري ومسلم والترمذي، عن سعد بن أبي وقاص، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خلف علي بن أبي طالب في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي. وفي رواية مثله ولم يقل فيه " غير أنه لا نبي بعدي ".
قال ابن المسيب: أخبرني بهذا عامر بن سعد عن أبيه، فأحببت أن أشافه سعدا، فلقيته فقلت: أنت سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فوضع إصبعيه على أذنيه، فقال: نعم وإلا فاستكتا (2).
ومن صحيح الترمذي، عن أنس، قال: كان عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) طير، فقال:
اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير، فجاء علي فأكل معه (3).

(١) جامع الأصول ٩: ٤٦٩ - ٤٧٠ برقم: ٦٤٧٩.
(٢) جامع الأصول ٩: ٤٦٨ - ٤٦٩ برقم: ٦٤٧٧.
(٣) جامع الأصول ٩: ٤٧١ برقم: ٦٤٨٢.
أقول: روى ابن البطريق (رحمه الله) في العمدة [ص ٢٤٢] من مسند ابن حنبل، بإسناده عن سفينة مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أهدت امرأة من الأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) طيرين بين رغيفين، فقدمت إليه الطيرين، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلى رسولك، فجاء علي فرفع صوته، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من هذا؟ قلت: علي، قال: فافتح له، ففتحت له، فأكل مع النبي (صلى الله عليه وآله) من الطيرين حتى فنيا.
وروى من مناقب الفقيه ابن المغازلي الشافعي، بإسناده عن أنس بن مالك، قال: أهدي إلى النبي (صلى الله عليه وآله) نحامة مشوية، فقال: اللهم ابعث إلي أحب خلقك إليك وإلى نبيك يأكل معنا من هذه المائدة، قال: فأتى علي، فقال: يا أنس استأذن لي على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت:
النبي مشغول، فرجع علي ولم يلبث ثم جاء، فقال: ارجع استأذن لي على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت: النبي عنك مشغول، فرجع علي ولم يلبث ثم جاء علي، فهممت أن أقول مثل قولي الأول والثاني، فسمع النبي (صلى الله عليه وآله) من داخل الحجرة كلام علي، فقال: ادخل يا أبا الحسن ما أبطأك عني؟ قال: قد جئت يا رسول الله مرتين وهذه الثالثة، كل ذلك يردني أنس يقول:
إن النبي عنك مشغول، فقال: يا أنس ما حملك على هذا؟ فقلت: يا رسول الله سمعت الدعوة فأحببت أن يكون رجلا من قومي، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): كل يحب قومه يا أنس.
وروى عن ابن المغازلي روايات كثيرة جدا عن أنس خبر الطائر. المناقب لابن المغزلي ص 156 - 175.
وروى من الجمع بين الصحاح الستة لرزين العبدري، بإسناده عن أنس خبر الطائر أيضا.
أقول: مع ظهور خبر الطائر في مقتضاه مجيئه (عليه السلام) بعد رد أنس مرتين، وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) " ما أبطأك عني " يؤكدانه، فهل يجوز العاقل أن يترك أحب خلق الله تعالى البيعة الواجبة ما أمكن؟ ويشكو عن السابق والتابعين، وينسب الظلم إليهم بعد انتقالهم إلى دار الجزاء لو احتمل صدقهم، أو يجوز عدم الامتناع والنسبة مع الروايات المتظافرة المقرونة بأمارات الصدق الدالة عليهما، ومن يضلل الله فما له من هاد " منه ".
(٣٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 ... » »»
الفهرست