الناس، فما صدر منا إنما كان بإغواء الشيطان، فنحن تائبون منه، وعازمون على التدارك على أكمل وجه، فمرينا بأي شئ تريدين حتى نسمع ونطيع، فإن إطاعتك سبب النجاة، كما أن مخالفتك وسخطك موجب للهلاك، لكونك شريكة القرآن وسفينة النجاة، ولما لم يقولا ما يفيد هذا المفاد ظهر أنهما لم يستوفيا شرائط التوبة، هذا تبرع مني، وإلا فعدم قبولها (عليها السلام) اعتذارهما كاف في الدلالة على ما أردنا على وجه أكمل، كما لا يخفى.
ويمكن أن يكون إرادة توبتهما مثل إرادة توبة أحد سأل مني عن التوبة عما صدر منه من أخذ المال ظلما وعدوانا، وكان حين السؤال أيضا مريدا إياه، فأجبته بما هو منقول عن أبي عبد الله (عليه السلام)، فقال في جوابي: هذا مشكل، فقلت: لم أكن غافلا عن غرضك من السؤال، بل علمت أن غرضك إنما كان بيان فعل يبرئ ذمتك مما سبق من غير أن تتدارك الظلامة، ويبيح لك استمرار الظلم والعدوان، وهذا خارج عن قانون الشرع والإيمان، وعليك التطبيق من غير حاجة إلى تعرض التفصيل والبيان.
وكذلك قوله (عليه السلام) " وقد قال لي قائل: أنك على هذا الأمر يا بن أبي طالب لحريص، فقلت: بل أنتم والله أحرص وأبعد، وأنا أخص وأقرب، وإنما طلبت حقا لي وأنتم تحولون بيني وبينه، وتضربون وجهي دونه، فلما قرعته بالحجة بهت لا يدري ما يجيبني به، اللهم إني أستعديك على قريش ومن أعانهم، فإنهم قطعوا رحمي، وصغروا عظيم منزلتي، وأجمعوا على منازعتي أمرا هو لي، ثم قالوا: ألا إن في الحق أن تأحذه وفي الحق أن تتركه " (1) انتهى.
يدل على غاية الخلاف، ومع ظهور دلالة هذا الكلام، وبعض ما نقله على بث