المصيبة عليه بحيث لم يبق له إدراك الواضحات، ولم ينقض بين إنكار الموت والسقيفة مدة يحصل التسلية لمن استولى عليه المصيبة، بحيث كانت كلماته خارجة عن كلام العقلاء.
وفهم عدم الموت لو كان من قوله تعالى * (هو الذي أرسل رسوله) * كما جوزه شارح التجريد، واختلق الرواية به صاحب المغني، لم يكن لتلاوة أبي بكر الآية المذكورة دخل في إزالة شبهته، ولم يكن لقوله " وكأني لم أسمع بهذه الآية " معنى، بل كان الواجب عليه أن يقول بعد قراءة الآية: أني لا أنكر جواز موته حتى تثبته بالآية، وسبب حكمي بعدم الموت أنه ليس أوان موته هذا الوقت، لبقاء ما وعد الله تعالى رسوله (صلى الله عليه وآله) ولما لم يقل هذا الكلام واكتفى بسماع الآية، ظهر بطلان كون الشبهة تجويز وعدة الظفر والرواية.
وأيضا كما ذكره السيد يجب إن كانت هذه شبهة أن يقول في حال مرض الرسول (صلى الله عليه وآله) وقد رأى من جزع أهله وأصحابه وخوفهم عليه الوفاة، حتى يقول أسامة بن زيد معتذرا من تأخره عن الخروج في الجيش الذي كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يكرر ويردد الأمر بتنفيذه: لن أكن لأسأل عنك الركب، ما هذا الجزع والهلع؟ وقد آمنكم الله موته بكذا وكذا، فما وجه كذا (1) انتهى.
ولما كانت الرواية المختلقة التي نقلها صاحب المغني ظاهر الكذب والافتراء، لم ينقلها شارح التجريد وابن روزبهان، مع غاية اهتمامهما في إنكار الحق بأي وجه كان.