لياقة صاحبه للإمامة، وكان اشتهار هذا القول منه وظهوره مانعا عن إنكار تكلمه بهذا الكلام، اضطروا إلى التوجيه، فقال فضل بن روزبهان ما حاصله أمران:
أحدهما أن غرضه من هذا الكلام عدم انتشار الخبر قبل البيعة حتى لا يظهر من المنافقين الفتنة. والثاني أن غلبة المحبة وشدة المصيبة صارتا سببين لغفلته، وهذا لا يكون طعنا عليه (1).
وذكر شارح التجريد احتمال سببية شدة المصيبة، واحتمال فهمه من قوله تعالى * (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين) * (2) وقوله * (ليستخلفنهم في الأرض) * (3) أنه يبقى إلى تمام هذه الأمور وظهورها غاية الظهور.
وقال صاحب المغني: روي عنه أنه قال: كيف يموت؟ وقد قال الله * (ليظهره على الدين كله) * وقال: * (وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا) * فلذلك نفى موته، لأنه حمل الآية على أنها خبر عن ذلك في حال حياته، حتى قال له أبو بكر: إن الله وعد بذلك وسيفعله، وتلا عليه ما تلا فأيقن، وإنما ظن أن موته يتأخر عن ذلك الوقت لا أنه منع من موته (4) انتهى.
وسخافة هذه الاعتذار على ما يظهر من كلام العلماء طاب ثراهم مع تقريب ما ظاهرة. أما خوف فتنة المنافقين، فلا وجه له لقلتهم وضعفهم، بحيث لا يتوهم في شأنهم القدرة على الفتنة أحد. وأما شدة المحبة، فانتفاء آثارها يدل على انتفائها، لأن من آثار شدة المحبة إطاعة قوله، وتخلفه عن جيش أسامة مع غاية مبالغة