فقال: بلى، قال: فما بال هذه؟ قال: لا شئ، قال: فأرسلها، فأرسلها عمر، قال:
فجعل عمر يكبر (1).
وهذه الرواية تبطل توجيه صاحب المغني وشارح التجريد بوجوه:
أحدها: قوله " استشار فيها أناسا " لدلالته على ظهور الجنون، كما لا يخفى.
وثانيها: قولهم " مجنونة بني فلان زنت " في جواب أمير المؤمنين (عليه السلام) " ما شأن هذه؟ " من غير تفتيش عن عقلها.
وثالثها: قوله (عليه السلام) " أما علمت أن القلم مرفوع عن المجنون حتى يبرأ " لأنه لو كان أمره برجمها لعدم العلم بالجنون لقال أمير المؤمنين (عليه السلام) هذه مجنونة واكتفى به، لعدم الحاجة إلى الزائد الذي فيه زيادة هتك حرمة الإمام، لدلالته على كمال جهله، وجواب عمر بعد الاستفهام التقريري بقوله " بلى " يدل على غاية جهله، لأنه رفع القلم عن المجنون، وغفل عن لازمه الظاهر اللزوم الذي هو عدم استحقاق الرجم، ولعل عمر كان غافلا عن رفع القلم أيضا، فاستنبطه من سياق استفهام أمير المؤمنين (عليه السلام) " فقال: بلى " وهذا أيضا يدل على كمال جهله.
ورابعها: عدم اعتذار عمر بعدم العلم بالجنون، والتقريب قد ظهر.
وخامسها: التكبير الذي يدل في مثل هذا المقام على عظم الأمر، ولو كان غافلا عن الجنون لم يكن الأمر عظيما، لأن الجنون ليس أمرا شايعا، حتى يعد عدم التفتيش عنه وبناء الحكم على ظاهر سلامة العقل عظيما في جنب جهالاته.
لا يقال: لا ملامة عليه لبذل جهده بالاستشارة، فإذا كان الجهل عليهم جائزا فكذلك على عمر.
لأنا نقول: هذا الأمر أظهر من أن يحتاج إلى تفتيش ولي الأمر والمجتهد، وجهل